تحصّنوا إذ عاينوا الأهوالا # بمعقل كان لهم عقالا
و صخرة كانت عليهم صيلما # و انقلبوا منها إلى جهنما [1]
تساقوا يستطعمون الماء # فأخرجت أرواحهم ظماء
فكم لسيف اللّه من جزور # في مأدب الغربان و النّسور [2]
و كم به قتلى من القساوس # تندب للصّلبان و النّواقس
ثم ثنى عنانه الأمير # و حوله التّهليل و التّكبير
مصمّما بحرب دار الحرب # قدّامه كتائب من عرب
فداسها و سامها بالخسف # و الهتك و السّفك لها و النّسف
فحرّقوا و مزّقوا الحصونا # و أسخنوا من أهلها العيونا
فانظر عن اليمين و اليسار # فما ترى إلا لهيب النار
و أصبحت ديارهم بلاقعا # فما ترى إلا دخانا ساطعا [3]
و نصر الإمام فيها المصطفى # و قد شفى من العدوّ و اشتفى
غزوة سنة تسع و ثلاثمائة
و بعدها كانت غزاة طرّش # سمت إليها جيشه لم ينهش [4]
و أحدقت بحصنها الأفاعي # و كلّ صلّ أسود شجاع [5]
ثم بنى حصنا عليها راتبا # يعتور القوّاد فيه دائبا
حتى أنابت عنوة جنّانها # و غاب عن يافوخها شيطانها
فأذعنت لسيّد السادات # و أكرم الأحياء و الأموات
خليفة اللّه على عباده # و خير من يحكم في بلاده
[1] الصيلم: الأمر الشديد.
[2] الجزور: ما يصلح لأن يذبح من الإبل.
[3] البلقع: الخالي من كل شيء.
[4] طرش: ناحية بالأندلس. و لم ينهش: لم يعي و لم يجهد.
[5] الصّل: الحية من أخبث الحيات.