responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 5  صفحه : 16

أكديتم‌ [1] ، و سبق إذ ونيتم ، سبق الجواد إذا استولى على الأمد، فتى قريش ناشئا، و كهفها [2] كهلا، يفك عانيها، و يريش مملقها، و يرأب صدعها و يلمّ شعثها، فما برحت شكيمته في ذات اللّه تشتد، حتى اتخذ بفنائه مسجدا يحيي فيه ما أمات المبطلون، و كان و قيد الجوانح غزير الدمعة، شجيّ النشيج، و أصفقت‌ [3] إليه نسوان مكة و ولدانها يسخرون منه و يستهزءون به، و اللّه يستهزئ بهم و يمدهم في طغيانهم يعمهون، فأكبرت ذلك رجالات قريش فما فلوا له صفاة، و لا قصفوا قناة؛ حتى ضرب الحقّ بجرانه، و ألقى بركه‌ [4] ، و رست أوتاده. فلما قبض اللّه نبيّه ضرب الشيطان رواقه، و مدّ طنبه؛ و نصب حبائله، و أجلب بخيله و رجله؛ فقام الصّديق حاسرا مشمّرا، فردّ نشر الإسلام على غرّه و أقام أوده بثقافه، فابذعرّ [5] النفاق بوطئه، و انتاش‌ [6] الناس بعدله، حتى أراح الحقّ على أهله، و حقن الدماء في أهبها؛ ثم أتته منيته؛ فسدّ ثلمته نظيره في المرحمة، و شقيقه في المعدلة؛ ذلك ابن الخطاب، للّه درّ أم حفلت له و درّت عليه!ففتح الفتوح، و شرّد الشرك، و بعج‌ [7] الأرض فقاءت أكلها، و لفظت جناها، ترأمه و يأباها، و تريده و يصدف عنها، ثم تركها كما صحبها؛ فأروني ما ترتابون؟و أي يومي أبي تنقمون؟أ يوم إقامته إذ عدل فيكم، أم يوم ظعنه إذ نظر لكم، أقول قولي هذا و أستغفر اللّه لي و لكم.

وفاة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه‌

الليث بن سعد عن الزهري قال: أهدي لأبي بكر طعام و عنده الحرث بن كلدة، فأكلا منه؛ فقال الحرث: أكلنا سمّ سنة، و إني و إياك لميتان عند رأس الحول!فماتا جميعا في يوم واحد عند انقضاء السنة، و إنما سمّته يهود كما سمت النبي صلّى اللّه عليه و سلم بخيبر في ذراع الشاة؛ فلما حضرت النبي صلّى اللّه عليه و سلم الوفاة قال: «ما زالت أكلة خيبر تعاودني حتى


[1] أكدى: أمنع.

[2] كهفها: ملجأها.

[3] أصفقت: اجتمعت.

[4] البرك: الصدر.

[5] ابذعرّ: تفرق.

[6] انتاش: أنهض.

[7] بعج الأرض: شقها و أذلها.

نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 5  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست