نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 4 صفحه : 77
فقلت لنفسي: هذا أحد العيدين: الفطر أو الأضحى. ثم رجع إليّ ما عزب من عقلي، فقلت: خرجت من أهلي في عقب صفر و قد مضى العيدان قبل ذلك!فبينا أنا واقف أتعجب إذا أتاني رجل فأخذ بيدي فأدخلني بيتا قد نجّد، و في وجهه فرش ممهدة، و عليها شاب ينال فرع شعره كتفيه، و الناس حوله سماطين [1] ، فقلت في نفسي: هذا الأمير الذي يحكي لنا جلوسه و جلوس الناس حوله. فقلت و أنا ماثل بين يديه: السلام عليك أيها الأمير و رحمة اللّه!قال: فجذب رجل بيدي و قال: ليس بالأمير، اجلس. قلت فمن هو؟قال: عروس. قلت: وا ثكل أمّاه!لربّ عروس بالبادية قد رأيته أهون على أصحابه من هن أمه!فلم ألبث أن أدخلت الرجال عليها هنات مدوّرات من خشب، أما ما خف منها فيحمل حملا، و أما ما ثقل فيد حرج؛ فوضعت أمامنا و تحلّق القوم عليها حلقا، ثم أتينا بخرق بيض فألقيت عليها؛ فهممت و اللّه أن أسأل القوم خرقة منها أرقع بها قميصي، و ذلك أني رأيت لها نسجا متلاحما لا يتبين له سدى و لا لحمة؛ فلما بسط القوم أيديهم، إذا هو يتمزق سريعا، و إذا صنف من الخبز لا أعرفه؛ ثم أتينا بطعام كثير من حلو و حامض، و حارّ و بارد، فأكثرت منه و أنا لا أعلم ما في عقبه من التخم و البشم [2] ؛ ثم أتينا بشراب أحمر في عساس [3] بيض؛ فلما نظرت إليه قلت: لا حاجة لي به؛ لأني أخاف أن يقتلني!و كان إلى جانبي رجل ناصح لي-أحسن اللّه عني جزاءه!-كان ينصحني بين أهل المجلس؛ فقال لي: يا أعرابي، إنك قد أكثرت من الطعام فإن شربت الماء همى [4] بطنك. فلما ذكر البطن، ذكرت شيئا أوصاني به الأشياخ، قالوا: لا تزال حيا ما دام بطنك شديدا، فإذا اختلفت فأوص. فلم أزل أتداوى بذلك الشراب و لا أملّه، حتى داخلني به صلف لا أعرفه من نفسي و لا عهد لي به، و اقتدار على أمري؛ و كان إلى جانبي الرجل الناصح لي؛ فجعلت نفسي تحدثني بهتم أسنانه مرة، و هشم أنفه أخرى؛ و أهم أحيانا أن أقول له: يا ابن الزانية!فبينا نحن كذلك، إذ هجم علينا شياطين أربعة: