نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 4 صفحه : 218
و خطبة لعمرو بن سعيد بالمدينة
قال أبو العباس بن الفرج الرياشي: حدّثنا ابن عائشة قال: قدم عمرو بن سعيد ابن العاص الأشدق المدينة أميرا، فخرج إلى منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فقعد عليه و غمض عينيه و عليه جبة خزّ قرمز، و مطرف خز قرمز، و عمامة خز قرمز؛ فجعل أهل المدينة ينظرون إلى ثيابه إعجابا بها، ففتح عينيه فإذا الناس ينظرون إليه؛ فقال:
ما بالكم يا أهل المدينة ترفعون إليّ أبصاركم، كأنكم تريدون أن تضربونا بسيوفكم؟أغرّكم أنكم فعلتم ما فعلتم فعفونا عنكم؟أما إنه لو أثبتم بالأولى ما كانت الثانية؛ أغرّكم أنكم قتلتم عثمان فوافقتم [1] ثائرنا منا رفيقا، قد فنى غضبه و بقي حلمه؟اغتنموا أنفسكم، فقد و اللّه ملكناكم بالشباب المقتبل، البعيد الأمل الطويل الأجل، حين فرغ من الصغر، و دخل في الكبر، حليم حديد، ليّن شديد رقيق كثيف، رفيق عنيف، حين اشتد عظمه. و اعتدل جسمه، و رمى الدهر ببصره، و استقبله بأشره، فهو إن عض نهس [2] ، و إن سطا فرس [3] ، لا يقلقل له الحصى، و لا تقرع له العصا، و لا يمشي السّهّمى [4] .
قال: فما بقي بعد ذلك إلا ثلاث سنين و ثمانية أشهر، حتى قصمه اللّه.
خطبة لعمرو بمكة
العتبي قال: استعمل سعيد بن العاص و هو وال على المدينة ابنه عمرو بن سعيد واليا على مكة، فلما قدم لم يلقه قرشي و لا أموي إلا أن يكون الحرث بن نوفل، فلما لقيه قال له: يا حار، ما الذي منع قومك أن يلقوني كما لقيتني؟قال: ما منعهم من ذلك إلا ما استقبلتني به؛ و اللّه ما كنيتني، و لا أتممت اسمي، و إنما أنهاك عن التكبّر على أكفائك، فإن ذلك لا يرفعك عليهم و لا يضعهم لك. قال: و اللّه ما أسأت الموعظة، و لا أتهمك على النصيحة، و إن الذي رأيت مني لخلق. فلما دخل مكة قام على المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: