نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 4 صفحه : 19
لبعض الأعراب:
الأصمعي قال: وقفت أعرابية فقالت: يا قوم، سنة جردت و أيد جمدت، و حال أجهدت؛ فهل من فاعل لخير، و آمر بمير؟رحم اللّه من رحم، و أقرض من يقرض.
الأصمعي قال: أصابت الأعراب أعوام جدبة و شدة و جهد، فدخلت طائفة منهم البصرة و بين أيديهم أعرابي و هو يقول: أيها الناس، إخوانكم في الدين، و شركاؤكم في الإسلام، عابر و سبيل، و فلال [1] بؤس، و صرعى جدب، تتابعت علينا سنون ثلاثة، غيرت النّعم و أهلكت النّعم، فأكلنا ما بقي من جلودها فوق عظامها فلم نزل نعلل بذلك أنفسنا، و نمنّي بالغيث قلوبنا، حتى عاد محنا عظاما، و عاد إشراقنا ظلاما، و أقبلنا إليك يصرعنا الوعر، و يكننا السهل، و هذه آثار مصائبنا، لائحة في سماتنا، فرحم اللّه متصدقا من كثير، و مواسيا من قليل، فلقد عظمت الحاجة، و كسف البال و بلغ المجهود، و اللّه يجزي المتصدقين.
الأصمعي قال: كنت في حلقة بالبصرة إذ وقف علينا أعرابي سائلا، فقال: أيها الناس، إن الفقر يهتك الحجاب، و يبرز الكعاب؛ و قد حملتنا سنو المصائب، و نكبات الدهور، على مركبها الوعر، فواسوا أبا أيتام، و نضو زمان، و طريد فاقة، و طريح هلكة، رحمكم اللّه.
أتى أعرابي عمر بن عبد العزيز فقال: رجل من أهل البادية، ساقته إليك الحاجة، و بلغت به الغاية، و اللّه سائلك عن مقامي هذا. فقال عمر. ما سمعت أبلغ من قائل و لا أوعظ لمقول له من كلامك هذا.
سمع عدي بن حاتم رجلا من الأعراب و هو يقول: يا قوم، تصدقوا على شيخ معيل، و عابر سبيل، شهد له ظاهره، و سمع شكواه خالقه، بدنه مطلوب و ثوبه