نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 4 صفحه : 101
لججها؛ فما بقاءك في البحور إذا غمرتك، و في الأمواج إذا بهزتك [1] ؟هنالك تعرف نفسك؛ و تندم على ما كان من جرأتك، و تمسّي ما أصبحت فيه من أمان و قد حيل بين العير و النّزوان.
فأطرق ابن الزبير مليا ثم رفع رأسه فالتفت إلى من حوله، ثم قال أسألكم باللّه:
أ تعلمون أن أبي حواريّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، و أن أباه أبا سفيان حارب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم؟و أن أمي أسماء بنت أبي بكر الصديق، و أمه هند آكلة الأكباد؟و جدي الصدّيق، و جده المشدوخ ببدر و رأس الكفر؟و عمتي خديجة ذات الخطر و الحسب، و عمته أم جميل حمالة الحطب؟و جدّتي صفية، وجدته حمامة؟و زوج عمتي خير ولد آدم محمد صلّى اللّه عليه و سلم، و زوج عمته شر ولد آدم أبو لهب سيصلي نارا ذات لهب؟و خالتي عائشة أم المؤمنين، و خالته أشقى الأشقين؟و أنا عبد اللّه، و هو معاوية؟ و قال له معاوية: ويحك يا ابن الزبير كيف تصف نفسك بما وصفتها؟و اللّه مالك في القديم من رئاسة، و لا في الحديث سياسة، و لقد قدناك و سدناك قديما و حديثا، لا تستطيع لذلك إنكارا، و لا عنه فرارا، و إن هؤلاء الحضور ليعلمون أن قريشا قد اجتمعت يوم الفخار على رئاسة حرب بن أمية و أن أباك و أسرتك تحت رايته راضون بإمارته غير منكرين لفضله و لا طامعين في عزله، إن أمر أطاعوا، و إن قال أنصتوا، فلم تزل فينا القيادة و عزّ الولاية؛ حتى بعث اللّه عز و جل محمدا صلّى اللّه عليه و سلم، فانتخبه من خير خلقه، من أسرتي لا أسرتك، و بني أبي لابني أبيك، فجحدته قريش أشدّ الجحود؛ و أنكرته أشدّ الإنكار و جاهدته أشدّ الجهاد، إلا من عصم اللّه من قريش؛ فما ساد قريشا و قادهم إلا أبو سفيان بن حرب، فكانت الفئتان تلتقيان و رئيس الهدى منا و رئيس الضلالة منا؛ فمهديّكم تحت راية مهديّنا، و ضالّكم تحت راية ضالّنا؛ فنحن الأرباب، و أنتم الأذناب؛ حتى خلّص اللّه أبا سفيان بن حرب بفضله من عظيم شركه؛ و عصمه بالإسلام من عبادة الأصنام؛ فكان ما لم يعط في