responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 3  صفحه : 91

أوصيك بتقوى اللّه؛ فإنّ للّه عملا بالليل لا يقبله بالنهار، و عملا بالنهار لا يقبله بالليل؛ و إنه لا يقبل نافلة [1] حتى تؤدّى الفرائض. و إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتّباعهم الحق و ثقله عليهم؛ و حقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا. و إنما خفت موازين من خفّت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا و خفّته عليهم؛ و حق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفا. و إن اللّه ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم، و تجاوز عن سيئاتهم، فإذا سمعت بهم قلت: إني أخاف ألاّ أكون من هؤلاء. و ذكر أهل النار بأقبح أعمالهم، و أمسك عن حسناتهم؛ فإذا سمعت بهم قلت: أنا خير من هؤلاء و ذكر آية الرحمة مع آية العذاب:

ليكون العبد راغبا راهبا، لا يتمنى على اللّه غير الحق. فإذا حفظت وصيتي فلا يكونن غائب أحبّ إليك من الموت، و هو آتيك؛ و إن ضيعت وصيتي فلا يكونن غائب أكره إليك من الموت، و لن تعجزه.

الحسن و ابن الأهتم:

و دخل الحسن بن أبي الحسن على عبد اللّه بن الأهتم يعوده في مرضه؛ فرآه يصوّب بصره في صندوق في بيته و يصعّده، ثم قال: أبا سعيد، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق لم أؤدّ منها زكاة و لم أصل منها رحما؟قال: ثكلتك أمك!و لمن كنت تجمعها؟قال: لروعة الزمان؛ و جفوة السلطان؛ و مكاثرة العشيرة. قال: ثم مات، فشهده الحسن. فلما فرغ من دفنه قال: انظروا إلى هذا المسكين!أتاه شيطانه فحذّره روعة زمانه، و جفوة سلطانه، و مكاثرة عشيرته، عما رزقه اللّه إياه و غمره فيه؛ انظروا كيف خرج منها مسلوبا محزونا، ثم التفت إلى الوارث فقال: أيها الوارث، لا تخدعنّ كما خدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالا فلا يكوننّ عليك وبالا . أتاك عفوا صفوا، ممن كان له جموعا منوعا؛ من باطل جمعه، و من حق منعه؛ قطع فيه لجج‌ [2] البحار، و مفاوز القفار، لم تكدح فيه بيمين، و لم يعرق لك فيه جبين. إن يوم


[1] النافلة: ما زاد على الفرض.

[2] لجج البحار: معظم البحر و تردد أمواجه.

نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 3  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست