هل للفتى من بنات الدهر من راقي # أم هل له من حمام الموت من واقي
قد رجّلوني و ما بالشّعر من شعث # و ألبسوني ثيابا غير أخلاق [1]
و طيّبوني و قالوا أيّما رجل!*و أدرجوني كأني طيّ مخراق [2]
و أرسلوا فتية من خيرهم حسبا # ليسندوا في ضريح القبر أطباقي [3]
و قسّموا المال و ارفضّت عوائدهم # و قال قائلهم مات ابن خذّاق!
هوّن عليك و لا تولع بإشفاق # فإنما مالنا للوارث الباقي
و قال ابن ذؤيب الهذلي يصفه حفرته:
مطأطأة لم ينبطوها و إنما # ليرضى بها فرّاطها، أمّ واحد [4]
قضوا ما قضوا من رمّها ثم أقبلوا # إلي بطاء المشي غبر السّواعد
فكنت ذنوب البئر لمّا تلحّبت # و أدرجت أكفاني و وسّدت ساعدي
و قال عروة بن حزام لما نزل به الموت:
من كان من أخواتي باكيا أبدا # فاليوم، إني أراني اليوم مقبوضا
يسمعنيه فإني غير سامعه # إذا علوت رقاب القوم معروضا
و قال الطرماح بن حكيم:
فيا ربّ لا تجعل وفاتي إن أتت # على شرجع يعلى بدكن المطارف
و لكن شهيدا ثاويا في عصابة # يصابون في فجّ من الأرض خائف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى # و صاروا إلى موعود ما في الصحائف
فأقتل قعصا ثم يرمى بأعظمي # مفرّقة أوصالها في التّنائف
و يصبح لحمي بطن طير مقيله # بجوّ السماء في نسور عواكف
و قال مالك بن الرّيب: يرثي نفسه و يصف قبره-و كان خرج مع سعيد بن عثمان بن عفان. لما ولي خراسان، فلما كان ببعض الطريق أراد أن يلبس خفه، فإذا
[1] غير أخلاق: غير بالية.
[2] مخراق: ثوب أو منديل يلف ثم يضرب به.
[3] الأطباق: فقار الظهر.
[4] مطأطأة: الحفرة، و الفراط الذين يحفرونها.