نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 3 صفحه : 189
فأسندوه، ثم قال: اللهم إنك أمرتني فلم آتمر، و زجرتني فلم أزدجر، اللهم لا قويّ فأنتصر، و لا بريّ فأعتذر، و لا مستكبر بل مستغفر!أستغفرك و أتوب إليك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين!فلم يزل يكررها حتى مات.
قال: و أخبرنا رجال من أهل المدينة أن عمرو بن العاص قال لبنيه عند موته: إني لست في الشّرك الذي لومت عليه أدخلت النار، و لا في الإسلام الذي لو متّ عليه أدخلت الجنة؛ فمهما قصرت فيه فإني مستمسك بلا إله إلا اللّه. و قبض عليها بيده، و قبض لوقته؛ فكانت يده تفتح ثم تترك، فتنقبض.
و قال لبنيه: إن أنا مت فلا تبكوا عليّ، و لا يتبعني مادح و لا نائح، و شنّوا [1] عليّ التراب شنا، فليس جنبي الأيمن أولى بالتراب من الأيسر؛ و لا تجعلوا في قبري خشبة و لا حجرا، و إذا واريتموني فاقعدوا عند قبري قدر نحر جزور [2] . و تفصيلها أستأنس بكم.
الجزع من الموت
الفضيل بن عياض قال: ما جزع أحد من أصحابنا عند الموت ما جزع سفيان الثوري، فقلنا: يا أبا عبد اللّه، ما هذا الجزع، أ لست تذهب إلى من عبدته و فررت ببدنك إليه؟فقال: ويحكم!إني أسلك طريقا لم أعرفه، و أقدم على ربّ لم أره.
حزن سعيد بن أبي الحسن على أخيه:
و لما توفي سعيد بن أبي الحسن وجد عليه أخوه الحسن وجدا شديدا، فكلّم في ذلك، فقال: ما رأيت اللّه جعل الحزن عارا على يعقوب!
[1] شنوا: يقال: شن عليه الماء، أي رشه عليه رشا متفرقا.