قال عمر بن ذرّ لأبيه: مالك إذا تكلمت أبكيت الناس، فإذا تكلم غيرك لم يبكهم؟قال: يا بني، ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة.
و قال اللّه لنبي من أنبيائه: هب لي من قلبك الخشوع، و من عينيك الدموع؛ ثم ادعني أستجب لك.
و من قولنا في البكاء:
مدامع قد خدّدت في الخدود # و أعين مكحولة بالهجود
و معشر أوعدهم ربّهم # فبادروا خشية ذاك الوعيد
فهم عكوف في محاريبهم # يبكون من خوف عقاب المجيد
قد كاد أن يعشب من دمعهم # ما قابلت أعينهم في السّجود
و قال قيس بن الأصمّ في هذا المعنى:
صلّى الإله على قوم شهدتهم # كانوا إذا ذكروا أو ذكّروا شهقوا
كانوا إذا ذكروا نار الجحيم بكوا # و إن تلا بعضهم مخوّفا صعقوا
من غير همز من الشيطان يأخذهم # عند التّلاوة إلا الخوف و الشّفق [1]
صرعى من الحزن قد سجّوا ثيابهم # بقيّة الرّوح في أوداجهم رمق [2]
حتى تخالهم لو كنت شاهدهم # من شدّة الخوف و الإشفاق قد زهقوا
النهي عن كثرة الضحك
في الحديث المرفوع: «كثرة الضحك تميت القلب و تذهب بهاء المؤمن» .
و فيه: «لو علمتم ما أعلم لبكيتم كثيرا و لضحكتم قليلا» .
و فيه: «إن اللّه يكره لكم العبث في الصلاة: و الرفث [3] في الصيام، و الضحك في الجنائز» .
[1] همز الشيطان: الجنون.
[2] أوداج: مفرده الوداج و هو عرق في العنق.
[3] الرفث: كلمة جامعة لما يريد الرجل من المرأة في سبيل الاستمتاع بها من غير كناية.