و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «الزّهد في الدنيا مفتاح الرّغبة في الآخرة، و الرغبة في الدنيا مفتاح الزهد في الآخرة» .
قالوا: مثل الدنيا و الآخرة كمثل رجل له امرأتان ضرّتان، إن أرضى إحداهما أسخط الأخرى.
و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «من جعل الدنيا أكبر همّه نزع اللّه خوف الأخرى من قلبه، و جعل الفقر بين عينيه، و شغله فيما عليه لا له» .
و قال ابن السماك: الزاهد الذي إن أصاب الدنيا لم يفرح، و إن أصابته الدنيا لم يحزن، يضحك في الملا [1] ، و يبكي في الخلا.
و قال الفضيل: أصل الزهد في الدنيا الرضا عن اللّه تعالى.
صفة الدنيا
قال رجل لعلي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه: يا أمير المؤمنين، صف لنا الدنيا.
قال: ما أصف من دار أوّلها عناء، و آخرها فناء، حلالها حساب، و حرامها عقاب، من استغنى فيها فتن، و من افتقر فيها حزن.
قيل لأرسطاطاليس : صف لنا الدنيا. فقال: ما أصف من دار أولها فوت، و آخرها موت.
و قيل لحكيم: صف لنا الدنيا. قال: أمر بين يديك، و أجل مطل عليك، و شيطان فتان، و أماني جرّارة العنان [2] ، تدعوك فتستجيب؛ و ترجوها فتخيب.
و قيل لعامر بن عبد القيس: صف لنا الدنيا. قال: الدنيا والدة للموت، ناقضة للمبرم [3] ، مرتجعة العطية و كل من فيها يجري إلى ما لا يدري.
[1] الملا: أي الملأ، و هم الجماعة.
[2] جرّارة العنان: كناية عن عزوبتها بحيث تشدّ إليها الناس.
[3] الميرم: المتفق عليه و المتعاهد.