نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 76
كتاب الياقوتة في العلم و الادب
فرش كتاب الياقوتة في العلم و الأدب
قال أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه: قد مضى قولنا في مخاطبة الملوك و مقاماتهم و ما تفنّنوا فيه من بديع حكمهم، و التزلف إليهم بحسن التوصّل و لطيف المعاني، و بارع منطقهم و اختلاف مذاهبهم.
و نحن قائلون بحمد اللّه و توفيقه في العلم و الأدب؛ فإنهما القطبان اللذان عليهما مدار الدين و الدنيا، و فرق ما بين الإنسان و سائر الحيوان، و ما بين الطبيعة الملكية و الطبيعة البهيمية؛ و هما مادّة العقل، و سراج البدن، و نور القلب، و عماد الروح؛ و قد جعل اللّه بلطيف قدرته و عظيم سلطانه بعض الأشياء عمدا لبعض و متولدا من بعض. فإجالة الوهم فيما تدركه الحواس تبعث خواطر الذّكر، و خواطر الذكر تنبّه رويّة الفكر.
و رويّة الفكر تثير مكامن الإرادة، و الإرادة تحكم أسباب العمل. فكل شيء يقوم في العقل و يمثل في الوهم يكون ذكرا، ثم فكرا، ثم إرادة، ثم عملا. و العقل متقبل للعلم، لا يعمل في غير ذلك شيئا.
و العلم علمان: علم حمل، و علم استعمل؛ فما حمل منه ضرّ، و ما استعمل نفع.
و الدليل على أن العقل إنما يعمل في تقبّل العلوم كالبصر في تقبّل الألوان و السمع في تقبل الأصوات: أنّ العاقل إذا لم يعلّم شيئا كان كمن لا عقل له. و الطفل الصغير لو لم تعرّفه أدبا و تلقّنه كتابا كان كأبله البهائم و أضلّ الدّوابّ فإن زعم زاعم فقال: إنا نجد عاقلا قليل العلم، فهو يستعمل عقله في قلة علمه فيكون أسدّ رأيا و أنبه فطنة و أحسن موارد و مصادر من الكثير العلم مع قلة العقل. فإن حجتنا عليه ما قد ذكرناه
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 76