نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 74
من طرائف بلدنا. قالوا ما نتمنى إلا السيف الذي قطعت به سيوفنا. قال لهم: هذا مما لا يجوز في ديننا أن نهاديكم بالسلاح، و لو لا ذلك ما بخلنا به عليكم، و لكن تمنوا غير ذلك ما شئتم. قالوا: ما نتمنى إلا به. قال: لا سبيل إليه. ثم أمر لهم بتحف كثيرة، و أحسن جائزتهم.
بين المأمون و طاهر بن الحسين:
أبو جعفر البغدادي قال: لما انقبض طاهر بن الحسين بخراسان عن المأمون و أخذ حذره، أدّب له المأمون و صيفا بأحسن الآداب، و علّمه فنون العلم، ثم أهداه إليه مع ألطاف كثيرة من طرائف العراق و قد واطأه على أن يسمّه، و أعطاه سمّ ساعة، و وعده على ذلك بأموال كثيرة؛ فلما انتهى إلى خراسان و أوصل إلى طاهر الهدية، قبل الهدية و أمر بإنزال الوصيف في دار، و أجرى عليه ما يحتاج إليه من التوسعة في النّزالة، و تركه أشهرا. فلما برم [1] الوصيف بمكانه، كتب إليه:
يا سيدي، إن كنت تقبلني فاقبلني، و إلا فردّني إلى أمير المؤمنين.
فأرسل إليه و أوصله إلى نفسه. فلما انتهى إلى باب المجلس الذي كان فيه، أمره بالوقوف عند باب المجلس، و قد جلس على لبد أبيض و قرع رأسه و بين يديه مصحف منشور، و سيف مسلول. فقال: قد قبلنا ما بعث به أمير المؤمنين غيرك، فإنا لا نقبلك، و قد صرفناك إلى أمير المؤمنين. و ليس عندي جواب أكتبه إلا ما ترى من حالي. فأبلغ أمير المؤمنين السلام و أعلمه بالحال التي رأيتني فيها.
فلما قدم الوصيف على المأمون و كلمه بما كان من أمره و وصف له الحالة التي رآه فيها، شاور وزراءه في ذلك و سألهم عن معناه. فلم يعلمه واحد منهم. فقال المأمون:
لكني قد فهمت معناه: أما تقريعه رأسه و جلوسه على اللّبد الأبيض، فهو يخبرنا أنه عبد ذليل؛ و أما المصحف المنشور، فإنه يذكّرنا بالعهود التي له علينا؛ و أما السيف