نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 54
الرشيد و مسلم بن الوليد و ابن أبي شيخ:
العتبي قال كان هارون الرشيد يقتل أولاد فاطمة و شيعتهم. و كان مسلم بن الوليد، صريع الغواني، قد رمي عنده بالتّشيّع، فأمر بطلبه، فهرب منه، ثم أمر بطلب أنس بن شيخ كاتب البرامكة فهرب منه، ثم وجد هو و مسلم بن الوليد عند قينة ببغداد فلما أتي بهما قيل له: يا أمير المؤمنين، قد أتي بالرجلين. قال: أيّ الرجلين؟قيل: أنس بن أبي شيخ، و مسلم بن الوليد. فقال: الحمد للّه الذي أظفرني بهما!يا غلام. أحضرهما. فلما دخلا عليه نظر إلى مسلم و قد تغيّر لونه؛ فرقّ له و قال:
إيه يا مسلم، أنت القائل:
أنس الهوى ببني عليّ و الحشا # و أراه يطمح عن بني العباس
قال: بل أنا الذي أقول يا أمير المؤمنين:
أنس الهوى ببني العمومة في الحشا # مستوحشا من سائر الإيناس
و إذا تكاملت الفضائل كنتم # أولى بذلك يا بني العباس
قال: فعجب هارون من سرعة بديهته، و قال له بعض جلسائه: استبقه يا أمير المؤمنين فإنه من أشعر الناس، و امتحنه فسترى منه عجبا. فقال له: قل شيئا في أنس. فقال: يا أمير المؤمنين، أفرخ روعي [1] ، أفرخ اللّه روعك يوم الحاجة إلى ذلك، فإني لم أدخل على خليفة قط. ثم أنشأ يقول:
تلمّظ السيف من شوق إلى أنس # فالموت يلحظ و الأقدار تنتظر [2]
فليس يبلغ منه ما يؤمّله # حتى يؤامر فيه رأيك القدر
أمضى من الموت يعفو عند قدرته # و ليس للموت عفو حين يقتدر
قال: فأجلسه هارون وراء ظهره، لئلا يرى ما همّ به، حتى إذا فرغ من قتل أنس قال له: أنشدني أشعر شعر لك. فكلما فرغ من قصيدة قال له زد؛ حتى قال له