responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 2  صفحه : 53

الحجاج و جامع المحاربي:

العتبي قال: دخل جامع المحاربي على الحجاج-و كان جامع شيخا صالحا خطيبا لبيبا جريئا على السلطان و هو الذي قال للحجاج إذ بنى مدينة واسط بنيتها في غير بلدك، و تورثها غير ولدك-فجعل الحجاج يشكو سوء طاعة أهل العراق و قبح مذهبهم. فقال له جامع: أما إنه لو أحبّوك لأطاعوك، على أنهم ما شنئوك لنسبك، و لا لبلدك، و لا لذات نفسك؛ فدع عنك ما يبعدهم منك إلى ما يقرّبهم إليك، و التمس العافية ممن دونك، تعطها ممن فوقك، و ليكن إيقاعك بعد وعيدك، و وعيدك بعد وعدك. قال الحجاج: ما أرى أن أردّ بني اللّكيعة [1] إلى طاعتي إلا بالسيف. قال: أيها الأمير، إنّ السيف إذا لاقى السيف ذهب الخيار. قال الحجاج:

الخيار يومئذ للّه. قال: أجل، و لكنك لا تدري لمن يجعله اللّه. فغضب و قال: يا هناه‌ [2] ، إنك من محارب. فقال جامع:

و للحرب سمّينا و كنّا محاربا # إذا ما القنا أمسى من الطّعن أحمرا

فقال الحجاج: و اللّه لقد هممت بأن أخلع لسانك فأضرب به وجهك. قال جامع:

إن صدقناك أغضبناك، و إن غششناك أغضبنا اللّه فغضب الأمير أهون علينا من غضب اللّه. قال: أجل، و سكن. و شغل الحجاج ببعض الأمر، فانسل جامع، فمرّ بين الصفوف من أهل الشام حتى جاوزها إلى صفوف العراق، فأبصر كبكبة [3] فيها جماعة من بكر العراق، و قيس العراق. و تميم العراق، و أزد العراق؛ فلما رأوه اشرأبّوا [4] إليه و قالوا له: ما عندك دفع اللّه عنك؟قال: ويحكم!عمّوه بالخلع كما يعمكم بالعداوة، ودعوا التعادي ما عاداكم؛ فإذا ظفرتم تراجعتم و تعاديتم. أيها التميمي، هو أعدي لك من الأزديّ، أيها القيسيّ هو أعدى لك من التّغلبيّ. و هل ظفر بمن ناوأه منكم إلا بمن بقي معه منكم.

و هرب جامع من فوره ذلك إلى الشام، و استجار بزفر بن الحارث فأجاره.


[1] اللكيعة: اللئيمة.

[2] يا هناه: هن كلمة يكنّى بها عن اسم الانسان.

[3] كبكبة: مجموعة من الناس.

[4] اشرأبوا: تطلّعوا و مدّوا أعناقهم.

نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 2  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست