عبيد بن أيوب و الحجاج:
و قال عبيد بن أيوب، و كان يطلبه الحجاج لجناية جناها، فهرب منه و كتب إليه:
أذقني طعم النوم أو سل حقيقة # علي فإن قامت ففصّل بنانيا [1]
خلعت فؤادي فاستطار فأصبحت # ترامى به البيد القفار تراميا [2]
و لم يقل أحد في هذا المعنى أحسن من قول النابغة الذبياني للنّعمان بن المنذر:
أتاني أبيت اللّعن أنك لمتني # و تلك التي تستكّ منها المسامع
فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة # من الرّقش من أنيابها السّمّ ناقع [3]
أ كلّفتني ذنب امرئ و تركته # كذي العرّ يكوى غيره و هو راتع [4]
فإنّك كالليل الذي هو مدركي # و إن خلت أنّ المنتأى عنك واسع
و قال فيه أيضا:
و لست بمستبق أخا لا تلمّه # على شعث أي الرجال المهذّب؟ [5]
فإن أك مظلوما فعبد ظلمته # و إن تك ذا عتب فمثلك يعتب
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة # و ليس وراء اللّه للمرء مذهب
لئن كنت قد بلّغت عنّي جناية # لمبلغك الواشي أغشّ و أكذب
أ لم تر أنّ اللّه أعطاك سورة # ترى كلّ ملك دونها يتذبذب [6]
فإنّك شمس و الملوك كواكب # إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب
و قال ابن الطّثرية:
فهنّي امرأ إمّا بريئا علمته # و إما مسيئا تاب منه و أعتبا
[1] قامت: ثبتت.
[2] استطار: هلع و انخلع من الخوف.
[3] ساورتني: و اثبتني، و الضئيلة: الحيّة الدقيقة اللحم، الرقش: جمع رقشاء و هي المنقطة بنقط سود و بيض و ناقع: مجتمع و كامن.
[4] العرّ: الجرب.
[5] لا تلمّه على شعث: لا تستبقيه على ما فيه من عيوب.
[6] السورة: المنزلة العالية، و يتذبذب: يضطرب.