إنّ شرخ الشباب و الشّعر الأسـ # ود ما لم يعاص كان جنونا [1]
و قال آخر:
قالت عهدتك مجنونا فقلت لها # إن الشباب جنون برؤه الكبر
و من قولنا في الشباب:
كنت إلف الصبا فودّعني # وداع من بان غير منصرف
أيام لهوي كظلّ إسحلة # و إذ شبابي كروضة أنف [2]
شبابي كيف صرت إلى نفاد # و بدّلت البياض من السواد
و ما أبقى الحوادث منك إلاّ # كما أبقت من القمر الدّادي [3]
فراقك عرّف الأحزان قلبي # و فرّق بين جفني و الرّقاد
فيا لنعيم عيش قد تولّى # و يا لغليل حزن مستفاد
كأنّي منك لم أربع بربع # و لم ارتد به أحلى مراد
سقى ذاك الثّرى و بل الثّريّا # و غادى نبته صوب الغوادي [4]
فكم لي من غليل فيه خاف # و كم لي من عويل فيه بادي
زمان كان فيه الرّشد غيّا # و كان الغيّ فيه من الرّشاد
يقبّلني بدلّ من قبول # و يسعدني بوصل من سعاد
و أجنبه فيعطيني قيادا # و يجنبني فأعطيه قيادي
الخضاب
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «غيّروا هذا الشّيب. و جنبوه السواد» .
و كان أبو بكر يخضب بالحناء و الكتم [5] .
[1] شرخ الشباب: نشاطه و حدّته في أوّله.
[2] الإسحلة: واحدة الإسحل، و هو شجر يستاك به و روضة أنف: لم ترع.
[3] الدآدي: ثلاث ليال من آخر الشهر قبل المحاق.
[4] الغوادي: جمع غادية و هي السحابة تنشأ غدوة أو هي مطر الغداة.
[5] الكتم: نبت يخلط بالحناء و يخضب به الشعر فيبقى لونه.