قليل التشكّي للمهمّ يصيبه # كثير النّوى شتّى الهوى و المسالك
يظل بموماة و يمسى بغيرها # وحيدا و يعروري ظهور المهالك [1]
و يسبق وفد الريح من حيث ينتحي # بمنخرق من شدّه المتدارك [2]
إذا خاط عينيه كرى النوم لم يزل # له كالئ من قلب شيحان فاتك [3]
و يجعل عينيه ربيئة قلبه # إلى سلّة من جفن أخلق باتك [4]
إذا هزّه في عظم قرن تهلّلت # نواجذ أفواه المنايا الضّواحك
و قال غيره من الشعراء[بل هي له أيضا]:
إذا المرء لم يحتل و قد جدّ جدّه # أضاع و قاسى أمره و هو مدبر
و لكن أخو الحزم الذي ليس نازلا # به الأمر إلا و هو للقصد مبصر
فذاك قريع الدهر ما عاش حوّل # إذا سدّ منه منخر جاش منخر [5]
باب الحركة و السكون
قال وهب بن منبه: مكتوب في التوراة: ابن آدم؛ خلقت من الحركة للحركة، فتحرّك و أنا معك.
و في بعض الكتب: ابن آدم؛ امدد يدك إلى باب من العمل أفتح لك بابا من الرزق.
و شاور عتبة بن ربيعة أخاه شيبة بن ربيعة في النّجعة [6] ؛ و قال: إني قد أجدبت، و من أجدب انتجع. فذهبت مثلا. قال له شيبة: ليس من العز أن تتعرض للذل
[1] الموماة: المفازة، و يعروري: يركب.
[2] وفد الرّيح: أولها، و المنخرق: السريع و الشدّ: العدو، و المتدارك: المتلاحق.
[3] الشيحان: الحازم.
[4] ربيئة: أي رقيبا، و الأخلق: السيف الأملس و الباتك: القاطع.
[5] قريع الدهر: المجرب للأمور، و الحوّل: البصير بتحويل الأمور.
[6] النجعة: طلب الكلأ.