و قال امرؤ القيس:
فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة # كفاني و لم أطلب قليل من المال
و لكنّما أسعى لمجد مؤثّل # و قد يدرك المجد المؤثّل أمثالي [1]
و قال آخر:
لو لا شماتة أعداء ذوي حسد # أو أن أنال بنفعي من يرجّيني
لما خطبت من الدنيا مطالبها # و لا بذلت لها عرضي و لا ديني
لكن منافسة الأعداء تحملني # على أمور أراها سوف ترديني [2]
و كيف لا كيف أن أرضى بمنزلة # لا دين عندي و لا دنيا تواتيني
و قال الحطيئة في هجائه الزّبرقان بن بدر:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها # و اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فاستعدى عليه عمر بن الخطاب و أسمعه الشعر، فقال: ما أرى بما قال بأسا.
قال: و اللّه يا أمير المؤمنين ما هجيت ببيت قطّ أشدّ منه. فأرسل إلى حسان فسأله:
هل هجاه؟فقال: ما هجاه، و لكنه سلح عليه.
لشاعر محدث:
و قد أخذ هذا المعنى من الحطيئة بعض المحدثين. فقال:
إني وجدت من المكارم حسبكم # أن تلبسوا خزّ الثياب و تشبعوا
فإذا تذوكرت المكارم مرّة # في مجلس أنتم به فتقنّعوا
و قالوا: من لم يركب الأهوال لم ينل الرغائب، و من طلب العظائم خاطر بعظيمته.
و قال يزيد بن عبد الملك، لما أتي برأس يزيد بن المهلب، فنال منه بعض جلسائه، فقال: إن يزيد ركب عظيما، و طلب جسيما، و مات كريما.
[1] المؤثّل: العريق.
[2] تردي: تقتل.