responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 2  صفحه : 33

به الرسول باب أمير المؤمنين المعتصم في يوم الموكب حين يجلس للعامة، و دخل عليه، فلما مثل بين يديه، دعا بالنّطع و السيف، فأحضرا، فجعل تميم بن جميل ينظر إليها و لا يقول شيئا، و جعل المعتصم يصعّد النظر فيه و يصوّبه، و كان جسيما و سيما، و رأى أن يستنطقه لينظر أين جنانه و لسانه من منظره. فقال: يا تميم، إن كان لك عذر فأت به، أو حجة فأدل بها.

فقال: أما إذ قد أذن لي أمير المؤمنين فإني أقول: الحمد للّه الذي أحسن كلّ شي‌ء خلقه، و بدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين. يا أمير المؤمنين، إن الذنوب تخرس الالسنة، و تصدع الأفئدة، و لقد عظمت الجريرة و كبر الذنب، و ساء الظنّ، و لم يبق إلا عفوك أو انتقامك، و أرجو أن يكون أقربهما منك و أسرعهما إليك أولاهما بامتنانك، و أشبههما بخلائقك. ثم أنشأ يقول:

أرى الموت بين السّيف و النطع كامنا # يلاحظني من حيثما أتلفّت

و أكبر ظنّي أنّك اليوم قاتلي # و أيّ امرئ ممّا قضى اللّه يفلت

و من ذا الذي يدلي بعذر و حجة # و سيف المنايا بين عينيه مصلت‌ [1]

يعزّ على الأوس بن تغلب موقف # يسلّ عليّ السيف فيه و أسكت

و ما جزعي من أن أموت و إنّني # لأعلم أنّ الموت شي‌ء موقّت

و لكنّ خلفي صبية قد تركتهم # و أكبادهم من حسرة تتفتّت

كأني أراهم حين أنعى إليهم # و قد خمشوا تلك الوجوه و صوّتوا

فإن عشت عاشوا خافضين بغبطة # أذود الرّدى عنهم و إن متّ موّتوا

فكم قائل لا يبعد اللّه روحه # و آخر جذلان يسرّ و يشمت‌

قال: فتبسم المعتصم و قال: كاد و اللّه يا تميم أن يسبق السيف العذل، اذهب، فقد غفرت لك الصبوة [2] ، و تركتك للصبية.


[1] مصلت: مسلول و مشهور.

[2] الصبوة: الجهل و الطيش.

نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 2  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست