و قال حبيب الطائي:
فما لك بالغريب يد و لكن # تعاطيك الغريب من الغريب
أما لو أنّ جهلك عاد علما # إذا لرسخت في علم الغيوب
و من قولنا نمدح رجلا باستسهال اللفظ و حسن الكلام:
قول كأنّ فريده # سحر على ذهن اللّبيب
لا يشمئزّ على اللّسان # و لا يشذ عن القلوب
لم يغل في شنع اللّغا # ت و لا توحّش بالغريب
سيف تقلّد مثله # عطف القضيب على القضيب
هذا تجذّ به الرّقا # ب و ذا تجذّ به الخطوب [1]
باب في تكليف الرجل ما ليس من طبعه
قالوا ليس الفقه بالتفقّه؛ و لا الفصاحة بالتفصّح؛ لأنه لا يزيد متزيّد في كلامه إلا لنقص يجده في نفسه، و مما اتفقت عليه العرب و العجم قولهم: الطبع أملك.
و قال حفص بن النّعمان: المرء يصنع نفسه، فمتى ما تبله [2] ينزع إلى العرق. و قال العرجيّ:
يا أيّها المتحلّي غير شيمته # و من شمائله التّبديل و الملق [3]
ارجع إلى خلقك المعروف ديدنه # إنّ التخلّق يأتي دونه الخلق
و قال آخر:
و من يبتدع ما ليس من خيم نفسه # يدعه و يغلبه على النّفس خيمها [4]
كل امرئ راجع يوما لشيمته # و إن تخلّق أخلاقا إلى حين
[1] تجذّ: تقطع.
[2] تبله: تختبره.
[3] الملق: التودّد و التملّق.
[4] الخيم: الطبع.