نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 31
أنت بين يديه أذلّ مني بين يديك؛ و هو على عقابك أقدر منك على عقابي، إلا نظرت في أمري نظر من برئى أحبّ إليه من سقمي، و براءتي أحبّ إليه من جرمي.
و قال خالد بن عبد اللّه لسليمان بن عبد الملك حين وجد عليه: يا أمير المؤمنين، إن القدرة تذهب الحفيظة؛ و أنت تجلّ عن العقوبة و نحن مقرّون بالذنب؛ فإن تعف عنّي فأهل ذلك أنت، و إن تعاقبني فأهل ذلك أنا.
و أمر معاوية بن أبي سفيان بعقوبة روح بن زنباع، فقال له: أنشدك اللّه يا أمير المؤمنين أ لا تضع مني خسيسة أنت رفعتها، أو تنقض منّي مريرة أنت أبرمتها [1] ، أو تشمت بي عدوّا أنت وقمته [2] ، إلاّ أتى حلمك و صفحك على خطئي و جهلي. فقال معاوية: خلّيا عنه، إذا أراد اللّه أمرا يسّره.
وجد عبد الملك بن مروان على رجل فجفاه و اطّرحه، ثم دعا به ليسأله عن شيء، فرآه شاحبا ناحلا؛ فقال له: مذ متى اعتللت؟فقال:
ما مسّني سقم و لكنّني # جفوت نفسي إذ جفاني الأمير
و آليت ألا أرضى عنها حتى يرضى عني أمير المؤمنين. فأعاده إلى نفسه.
و قعد الحسن بن سهل لنعيم بن حازم، فأقبل إليه حافيا حاسرا و هو يقول: ذنبي أعظم من السماء، ذنبي أعظم من الأرض. فقال له الحسن: على رسلك أيها الرجل، لا بأس عليك، قد تقدمت لك طاعة، و حدثت لك توبة، و ليس للذنب بينهما موضع، و لئن وجد موضعا فما ذنبك في الذنوب بأعظم من عفو أمير المؤمنين في العفو.
المأمون و هاشمي أذنب:
أذنب رجل من بني هاشم ذنبا إلى المأمون، فعاتبه فيه. فقال: يا أمير المؤمنين، من حمل مثل دالّتي، و لبس ثوب حرمتي، و متّ [3] بمثل قرابتي، اغتفر له فوق زلّتي.
[1] ابرمتها: عقدتها و فتلتها، و المريرة: طاقة الحبل.