نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 30
و تبلغها إذا بسطت، و نفسا تكمل لخصالها، و تستحقها بفعالها-و إن كنت لم أجن تلك الخصال، و لم أصطنع تلك الفعال، و لم أترشّح لها في السر، و لا أشرت إليها في الجهر-و رآها تحنّ إليّ حنين الوالدة الوالهة، و تميل ميل الهلوك؛ و خاف أن ترغب إلى خير مرغب، و تنزع إلى أخصب منزع، عاقبني عقاب من سهر في طلبها، و جهد في التماسها، فإن كان إنما حسبني أني أصلح لها و تصلح لي، و أليق بها و تليق بي، فليس ذلك بذنب جنيته فأتوب منه، و لا تطاولت له فأحطّ نفسي عنه؛ و إن زعم أنه لا صرف لعقابه، و لا نجاة من عذابه، إلا أن أخرج له من حدّ العلم و الحلم و الحزم؛ فكما لا يستطيع المضياع أن يكون مصلحا، كذلك لا يستطيع العاقل أن يكون جاهلا.
و سواء عليه أ عاقبني على علمي و حلمي، أم عاقبني على نسبي و سني، و سواء عليه عاقبني على جمالي أو عاقبني على محبة الناس لي. و لو أردتها لأعجلته عن التفكير، و شغلته عن التدبير، و لما كان فيها من الخطب إلا اليسير.
ابن مسلم حين بلغه غضب الخليفة على رجاء:
إبراهيم بن السّندي قال: كنت أساير سعد بن سلم، حتى قيل له: إن أمير المؤمنين قد غضب على رجاء بن أبي الضحّاك و أمر بأخذ ماله، فارتاع بذلك و جزع، فقيل له: ما يروعك منه؟فو اللّه ما جعل اللّه بينكما نسبا و لا سببا. فقال: بلى، النّعمة نسب بين أهلها، و الطاعة سبب مؤكّد بين الأولياء.
و بعث بعض الملوك إلى رجل وجد عليه: فقال لما مثل بين يديه: أيها الأمير، إن الغضب شيطان فاستعذ باللّه منه؛ و إنما خلق العفو للمذنب، و التجاوز للمسيء، فلا تضق عما وسع الرعيّة من حلمك و عفوك. فعفا عنه و أطلق سبيله.
و لما اتهم قتيبة بن مسلم أبا مجلز على بعض الأمر، قال: أصلح اللّه الأمير، و أستغفر الرب، أسأل العافية!قال: قد عفونا عنك.
و أرسل بعض الملوك في رجل أراد عقوبته، فلما مثل بين يديه قال: أسألك بالذي
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 30