باب في التجارب و التأدّب بالزمان
قالت الحكماء: كفى بالتجارب تأديبا، و بتقلب الأيام عظة.
و قالوا: كفى بالدهر مؤدّبا و بالعقل مرشدا.
و قال حبيب:
أ حاولت إرشادي فعقلي مرشدي # أم استمت تأديبي فدهري مؤدّبي [1]
و قال إبراهيم بن شكلة:
من لم يؤدّبه والداه # أدّبه الليل و النهار
كم قد أذلاّ كريم قوم # ليس له منهما انتصار
من ذا يد الدهر لم تنلّه # أو اطمأنّت به الدّيار
كلّ عن الحادثات مغض # و عنده للزمان ثار
و قال آخر:
و ما أبقت لك الأيام عذرا # و بالأيام يتّعظ اللبيب
و قالوا: كفى بالدهر مخبرا بما مضى عما بقي.
و قالوا: كفي مخبرا لذوي الألباب ما جرّبوا.
و قالوا لعيسى ابن مريم عليهما السلام: من أدّبك؟قال: ما أدّبني أحد؛ رأيت الجهل قبيحا فاجتنبته.
باب في صحبة الأيام بالموادعة
قالت الحكماء: اصحب الأيام بالموادعة، و لا تسابق الدهر فتكبو [2] .
و قال الشاعر:
[1] استمت: أردت.
[2] تكبو: تتعثّر و تسقط.