نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 239
اَلْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ[1] استحللت قتل الأطفال، و قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عن قتلهم، و قال جل ثناؤه: وَ لاََ تَزِرُ وََازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىََ[2] و قال في القعد خيرا، و فضّل اللّه من جاهد عليهم، و لا يدفع منزلة أكثر الناس عملا منزلة من هو دونه.
إلا إذا اشتركا في أصل. أ و ما سمعت قوله تبارك و تعالى: لاََ يَسْتَوِي اَلْقََاعِدُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي اَلضَّرَرِ وَ اَلْمُجََاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللََّهِ[3] فجعلهم اللّه من المؤمنين، و فضّل عليهم المجاهدين بأعمالهم. و رأيت من رأيك أن لا تؤدّي الأمانة إلى من يخالفك، و اللّه يأمرك أن تؤدّي الأمانات إلى أهلها. فاتق اللّه و انظر لنفسك، و اتق يَوْماً لاََ يَجْزِي وََالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لاََ مَوْلُودٌ هُوَ جََازٍ عَنْ وََالِدِهِ شَيْئاً[4] فإن اللّه بالمرصاد، و حكمه العدل. و قوله الفصل. و السلام.
فكتب إليه نافع بن الأزرق:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد أتاني كتابك تعظني فيه و تذكرني، و تنصح لي و تزجرني، و تصف ما كنت عليه من الحق، و ما كنت أوثره من الصواب؛ و أنا أسأل اللّه أن يجعلني من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، و عبت عليّ ما دنت به من إكفار القعد، و قتل الأطفال، و استحلال الأمانة. و سأفسّر لك لم ذلك إن شاء اللّه: أما هؤلاء القعد فليسوا كمن ذكرت ممن كان بعهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، لأنهم كانوا بمكة مقهورين محصورين، لا يجدون إلى الهرب سبيلا، و لا إلى الاتصال بالمسلمين طريقا؛ و هؤلاء قد فقهوا في الدين، و قرءوا القرآن، و الطريق لهم نهج واضح. و قد عرفت ما يقول اللّه فيمن كان مثلهم، إذ قال: إِنَّ اَلَّذِينَ تَوَفََّاهُمُ اَلْمَلاََئِكَةُ ظََالِمِي أَنْفُسِهِمْ قََالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قََالُوا كُنََّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي اَلْأَرْضِ قََالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اَللََّهِ وََاسِعَةً فَتُهََاجِرُوا فِيهََا[5] . و قال: فَرِحَ اَلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاََفَ رَسُولِ اَللََّهِ[6] . و قال: وَ جََاءَ اَلْمُعَذِّرُونَ مِنَ اَلْأَعْرََابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ. وَ قَعَدَ اَلَّذِينَ