لما خرجت الخوارج على عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه، و كانوا من أصحابه، و كان من أمر الحكمين ما كان و اختداع عمرو لأبي موسى الأشعري، قالوا: لا حكم إلا للّه. فلما سمع عليّ رضي اللّه عنه نداءهم. قال: كلمة حق يراد بها باطل، و إنما مذهبهم ألاّ يكون أمير، و لا بد من أمير برّا كان أو فاجرا. و قالوا لعليّ: شككت في أمرك، و حكّمت عدوّك في نفسك. و خرجوا إلى حروراء، و خرج إليهم عليّ رضي اللّه عنه، فخطبهم متوكّئا على قوسه، و قال:
هذا مقام من فلج فيه فلج يوم القيامة [2] ، أنشدكم اللّه، هل علمتم أن أحدا كان أكره للحكومة مني؟قالوا: اللهم لا. قال: أ فعلمتم أنكم أكرهتموني عليها حتى قبلتها؟قالوا اللهم نعم. قال: فعلام خالفتموني و نابذتموني؟قالوا: إنا أتينا ذنبا عظيما فتبنا إلى اللّه منه، فتب إلى اللّه منه. و استغفره نعد إليك. فقال علي: إني أستغفر اللّه من كل ذنب. فرجعوا معه و هم في ستة آلاف. فلما استقرّوا بالكوفة أشاعوا أنّ عليّا رجع عن التحكيم و تاب منه و رآه ضلالا. فأتى الأشعث بن قيس عليّا رضي اللّه عنه،