و قال عديّ بن زيد:
قد يدرك المبطئ من حظّه # و الحين قد يسبق جهد الحريص [1]
استراحة الرجل بمكنون سره إلى صديقه
تقول العرب: أفضيت إليك بشقوري [2] ، و أطلعتك على عجري و بجري [3] ، و لو كان في جسدي برص ما كتمته.
و قال اللّه تبارك و تعالى: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ [4] .
و قالت الحكماء: لكل سرّ مستودع.
و قالوا: مكاتمة الأدنين صريح العقوق.
و قال الشاعر:
و أبثثت عمرا بعض ما في جوانحي # و جرعته من مرّ ما أتجرّع
و لا بدّ من شكوى إلى ذي حفيظة # إذا جعلت أسرار نفس تطلّع [5]
و قال حبيب:
شكوت و ما الشّكوى لمثلي عادة # و لكن تفيض النفس عند امتلائها
و أنشد أبو الحسن محمد البصريّ:
لعب الهوى بمعالمي و رسومي # و دفنت حيّا تحت ردم همومي
و شكوت همّي حين ضقت و من شكا # همّا يضيق به فغير ملوم
و قال آخر:
إذا لم أطق صبرا رجعت إلى الشكوى # و ناديت تحت الليل يأسا مع النجوى
[1] الحين: الموت.
[2] الشقور: الأمور اللاصقة بالقلب، المهمّة له.
[3] عجري و بجري: أي عيوبي و أحزاني و ما أبدي و ما أخفي.
[4] سورة الأنعام الآية 67.
[5] الحفيظة: اسم من المحافظة و الحفاظ للذب عن المحارم.