نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 190
على سخافة الرأي؛ إذ صارت الحظوة الباسقة و النّعمة السابغة [1] في لؤم النية، و تناول الرّزق من جهة محاشاة الوقار، و ملابسة معرّة العار.
ثم نظرنا في تعقّب المتعقّب لقولنا، و الكاشر لحجتنا، فأقمنا له علما واضحا، و شاهدا قائما، و منارا بيّنا؛ إذ وجدنا من فيه السّفوليّة الواضحة، و المثالب الفاضحة، و الكذب المبرّح، و الخلف المصرّح، و الجهالة المفرطة، و الركاكة المستخفّة، و ضعف اليقين و الاستيثاب [2] ، و سرعة الغضب و الخفة قد استكمل سروره، و اعتدلت أموره، و فاز بالسهم الأغلب، و الحظّ الأوفر، و القدر الرفيع، و الجواب الطائع، و الأمر النافذ، إن زلّ قيل حكم، و إن أخطأ قيل أصاب، و إن هذى في كلامه و هو يقظان قيل رؤيا صادقة في سنة [3] مباركة.
فهذه حجتنا-أبقاك اللّه-على من زعم أن الجهل يخفض، و أن الحمق يضع، و أن النّوك يردي و أن الكذب يضر، و أن الخلف يزري.
ثم نظرنا في الوفاء و الأمانة، و النّبل و البراعة و حسن المذهب، و كمال المروءة، و سعة الصدر، و قلة الغضب، و كرم الطبيعة، و الفائق في سعة علمه، و الحاكم على نفسه، و الغالب لهواه؛ فوجدنا فلان بن فلان، ثم وجدنا الزمان لم ينصفه من حقّه، و لا قام له بوظائف فرضه؛ و وجدنا فضائله القائمة له قاعدة به. فهذا دليل على أن الطّلاح أجدى من الصّلاح، و أن الفضل قد مضى زمانه، و عفت آثاره [4] ، و صارت الدائرة عليه كما كانت الدائرة على ضده؛ و وجدنا العقل يشقى به قرينه، كما أنّ الجهل و الحمق يحظى به خدينه و وجدنا الشعر ناطقا على الزمان، و معربا عن الأيام، حيث يقول:
تحامق مع الحمقى إذا ما لقيتهم # و لاقهم بالجهل فعل أخي الجهل