إنّا بطانتك الألى # كنا نكابد ما تكابد
و نرى فنعرف بالعدا # وة و البعاد لمن تباعد
و نبيت من شفق عليـ # ك ربيئة و الليل هاجد [1]
فلما وصلت الأبيات إلى أبي جعفر وقع على كل بيت منها: صدقت. و دعا به فألحقه بإخوانه.
معاتبة الصديق و استبقاء مودّته
قالت الحكماء: مما يجب للصديق على الصديق، الإغضاء عن زلاته، و التجاوز عن سيئاته، فإن رجع و أعتب و إلا عاتبته بلا إكثار؛ فإن كثرة العتاب مدرجة للقطيعة.
و قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: لا تقطع أخاك على ارتياب، و لا تهجره دون استعتاب.
و قال أبو الدرداء: من لك بأخيك كلّه؟ و قالوا: أيّ الرجال المهذّب؟ و قال بشّار العقيلي:
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى # ظمئت، و أيّ الناس تصفو مشاربه [2]
و قالوا: معاتبة الأخ خير من فقده.
و قال الشاعر:
إذا ذهب العتاب فليس ودّ # و يبقى الودّ ما بقي العتاب
و لمحمد بن أبان:
[1] الربيئة: طليعة الجيش الكاشفة المراقبة للعدو.
[2] القذى: المكروه.