نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 129
و مرّ أعرابيّ برجل صلبه السلطان، فقال: من طلّق الدنيا فالآخرة صاحبته، و من فارق الحقّ فالجذع راحلته [1] .
النعمان و عدي بن زيد:
و من النطق بالدلالة ما حدّث به العباس بن الفرج الرّياشي قال: نزل النعمان بن المنذر و معه عديّ بن زيد العباديّ في ظل شجرة مورقة ليلهو النعمان هناك، فقال له عدي: أبيت اللعن، أ تدري ما تقول هذه الشجرة؟قال: ما تقول: قال: تقول:
ربّ شرب قد أناخوا حولنا # يمزجون الخمر بالماء الزّلال
ثم أضحوا عصف الدهر بهم # و كذاك الدهر حال بعد حال
فتنغّص على النعمان ما هو فيه.
و قال ابن الأعرابي: قلت للفضل: ما الإيجاز عندك؟قال: حذف الفضول، و تقريب البعيد.
و قال رجل لخالد بن صفوان: إنك لتكثر. قال: أكثر لضربين: أحدهما فيما لا تغني فيه القلة، و الآخر لتمرّس اللسان، فإن حبسه يورث العقلة [2] .
و كان خالد بن صفوان يقول: لا تكون بليغا حتى تكلّم أمتك السوداء في الليلة الظلماء في الحاجة المهمّة بما تكلم به في نادي قومك.
و إنما اللسان عضو إذا مرّنته مرن، و إذا تركته لكن [3] كاليد التي تخشنها بالممارسة، و البدن الذي تقويه برفع الحجر و ما أشبهه، و الرّجل إذا عوّدت المشي مشت.
بين نوفل و امرأته:
و كان نوفل بن مساحق إذا دخل على امرأته صمت، فإذا خرج عنها تكلم. فقالت له: إذا كنت عندي سكتّ، و إذا كنت عند الناس تنطق!قال: إني أجلّ عن دقيقك و تدقّين عن جليلي.
[1] الجذع: كناية عن الصّلب و الراحلة: ما يركب عليها للانتقال.