زدت فيه شيئا و لا غيّرت له معنى.
و قالوا: خير الكلام ما لم يحتج بعده إلى كلام.
و قال يحيى: الكلام ذو فنون، و خيره ما وفق له القائل، و انتفع به السامع.
و للحسن بن جعفر:
عجبت لإدلال العييّ بنفسه # و صمت الذي قد كان بالحق أعلما
و في الصمت ستر العييّ و إنّما # صحيفة لبّ المرء أن يتكلما [1]
وصف أعرابي بليغا فقال: كأن الألسن ريضت [2] فما تنعقد إلا على ودّه، و لا تنطق إلا ببيانه.
وصف أبو الوجيه بلاغة رجل فقال: كان و اللّه يشول [3] بلسانه شولان البروق، و يتخلل به تخلل الحيّة.
و للعرب من موجز اللفظ و لطيف المعنى فصول عجيبة، و بدائع غريبة. و سنأتي على صدر منها إن شاء اللّه.
فصول من البلاغة
قدم قتيبة بن مسلم خراسان واليا عليها، فقال: من كان في يده شيء من مال عبد اللّه بن خازم فلينبذه، و من كان في فيه فليلفظه، و من كان في صدره فلينفثه.
فعجب الناس من حسن ما فصّل.
و قيل لابن السّمّال الأسدي أيام معاوية: كيف تركت الناس؟قال: تركتهم بين مظلوم لا ينتصف، و ظالم لا ينتهي.
و قيل لشبيب بن شيبة عند باب الرشيد رحمه اللّه تعالى: كيف رأيت الناس؟قال:
رأيت الداخل راجيا و الخارج راضيا.
[1] لب المرء: داخله، أو عقله، أو ما يحسنه.
[2] ريضت: من الترويض الذي يجعل الحيوان الشرس أليفا.
[3] يشول: يرفع، و البروق: إذا الناقة طلبت الفحل فإنها حينئذ ترفع ذنبها.