نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 122
و قيل لبعضهم: ما البلاغة؟قال: معرفة الوصل من الفصل.
و قيل لآخر: ما البلاغة؟قال: إيجاز الكلام، و حذف الفضول، و تقريب البعيد.
و قيل لبعضهم: ما البلاغة؟قال ألاّ يؤتى القائل من سوء فهم السامع، و لا يؤتى السامع من سوء بيان القائل.
و قال معاوية لصحار العبديّ: ما البلاغة؟قال: أن تجيب فلا تبطئ، و تصيب فلا تخطئ. ثم قال: أقلني [1] يا أمير المؤمنين. قال: قد أقلتك. قال: ألاّ تبطئ و لا تخطئ.
قال أبو حاتم: استطال الكلام الأول فاستقال و تكلم بأوجز منه.
و سمع خالد بن صفوان رجلا يتكلم و يكثر، فقال: اعلم رحمك اللّه أن البلاغة ليست بخفة اللسان و كثرة الهذيان، و لكنها بإصابة المعنى و القصد إلى الحجة فقال له:
أبا صفوان، ما من ذنب أعظم من اتفاق الصّنعة.
و تكلم ربيعة الرأي يوما فأكثر، و إلى جنبه أعرابيّ، فالتفت إليه فقال: ما تعدّون البلاغة يا أعرابيّ؟قال: قلة الكلام و إيجاز الصواب. قال: فما تعدّون العيّ؟قال: ما كنت فيه منذ اليوم، فكأنما ألقمه حجرا.
و من أمثالهم في البلاغة قولهم: يقل الحزّ و يطبّق المفصل. و ذلك أنهم شبهوا البليغ الموجز الذي يقل الكلام و يصيب الفصول و المعاني، بالجزار الرفيق الذي يقلّ حزّ اللحم و يصيب مفاصله.
و مثله قولهم:
يضع الهناء مواضع النّقب
أي لا يتكلم إلا فيما يجب فيه الكلام، مثل الطالي الرفيق الذي يضع الهناء مواضع النّقب. و الهناء: القطران. و النّقب: الجرب.