نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 2 صفحه : 121
و في كتاب للهند: ينبغي للعاقل أن يدع التماس ما لا سبيل إليه، و إلا عدّ جاهلا، كرجل أراد أن يجري السفن في البرّ و العجل في البحر، و ذلك ما لا سبيل إليه.
و قالوا: إحسان المسيء أن يكفّ عنك أذاه، و إساءة المحسن أن يمنعك جدواه.
و قال الحسن البصري: اقدعوا [1] هذه النفوس فإنها طلعة، و حادثوها بالذّكر فإنها سريعة الدّثور؛ فإنكم إلا تقدعوها تنزع بكم إلى شر غاية.
يقول: حادثوها بالحكمة كما يحادث السيف بالصّقال، فإنها سريعة الدّثور: يريد الصدأ الذي يعرض للسيف. و اقدعوها: من قدعت أنف الجمل، إذا دفعته، فإنها طلعة: يريد متطلّعة إلى الأشياء.
قال أردشير بن بابك: إنّ للآذان مجّة و للقلوب مللا؛ ففرّقوا بين الحكمتين يكن ذلك استحماما.
البلاغة و صفتها
قيل لعمرو بن عبيد: ما البلاغة؟قال: ما بلّغك الجنّة و عدل بك عن النار. قال السائل: ليس هذا أريد. قال: فما بصّرك مواضع رشدك، و عواقب غيّك. قال:
ليس هذا أريد. قال: من لم يحسن أن يسكت لم يحسن أن يسمع، و من لم يحسن أن يسمع لم يحسن أن يسأل، و من لم يحسن أن يسأل لم يحسن أن يقول. قال: ليس هذا أريد. قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: إنا معشر النبيين بكاء-أي قليلو الكلام، و هو جمع بكيء. و كانوا يكرهون أن يزيد منطق الرجل على عقله-قال السائل:
ليس هذا أريد. قال: فكأنك تريد تخيّر الألفاظ في حسن إفهام؟قال: نعم. قال:
إنك إن أردت تقرير حجّة اللّه في عقول المكلّفين و تخفيف المئونة على المستمعين، و تزيين المعاني في قلوب المستفهمين، بالألفاظ الحسنة، رغبة في سرعة استجابتهم، و نفي الشواغل عن قلوبهم، بالموعظة الناطقة عن الكتاب و السنة، كنت قد أوتيت فصل الخطاب.