نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 80
و الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحلّ حراما أو حرّم حلالا. و لا يمنعك قضاء قضيت به بالأمس ثم راجعت فيه نفسك و هديت فيه لرشدك أن ترجع عنه؛ فإن الحق قديم و الرجوع إليه خير من التمادي على الباطل. الفهم الفهم فيما يتلجلج في صدرك مما لم يبلغك به كتاب اللّه و لا سنة نبيه صلّى اللّه عليه و سلّم. و اعرف الأمثال و الأشباه، و قس الأمور عند ذلك ثم اعمد إلى أحبّها عند اللّه و رسوله و أشبهها بالحق؛ و اجعل للمدعي أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بيّنته أخذت له بحقه و إلا وجّهت عليه القضاء؛ فإن ذلك أجلى للعمى و أبلغ في العذر. و المسلمون عدول [1] بعضهم على بعض، إلا مجلودا في حدّ، أو مجرّبا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولاء أو قرابة أو نسب؛ فإنّ اللّه تولّى منكم السرائر، و درأ [2] عنكم بالبينات و الأيمان؛ ثم إياك و التأذّي بالناس و التنكر للخصوم في مواطن الحقوق التي يوجب اللّه بها الأجر و يحسن بها الذخر، فإنه من تخلص نبته فيما بينه و بين اللّه و لو على نفسه يكفيه اللّه ما بينه و بين الناس، و من تزيّن للناس بما يعلم اللّه خلافه منه هتك اللّه ستره.
و له أيضا يوصيه
و كتب عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إلى أبي موسى الأشعري: أما بعد؛ فإنّ للناس نفرة عن سلطانهم؛ فاحذر أن تدركني و إيّاك عمياء مجهولة، و ضغائن محمولة، و أهواء متّبعة، و دنيا مؤثرة. أقم الحدود و اجلس للمظالم و لو ساعة من النهار و أخف الفسّاق و اجعلهم يدا يدا و رجلا رجلا، و إذا كانت بين القبائل نائرة [3] فنادوا يا لفلان!فإنما تلك نجوى من الشيطان، فاضربهم بالسيف حتى يفيئوا [4] إلى أمر اللّه و تكون دعواتهم إلى اللّه و الإسلام و استدم النعمة بالشكر، و الطاعة بالتألّف، و المقدرة بالعفو و النّصرة بالتواضع و المحبة للناس. و بلغني أن ضبّة تنادى: يا لضبّة.
و اللّه ما علمت أن ضبة ساق اللّه بها خيرا قط و لا صرف بها شرّا. فإذا جاءك كتابي