لبعض الشعراء في التواضع
و قال ابن قتيبة: لم يقل بيت أبدع من قول الشاعر لبعض خلفاء بني أمية:
يغضي حياء و يغضى من مهابته # فلا يكلّم إلاّ حين يبتسم [1]
و أحسن منه عندي قول الآخر:
فتى زاده عزّ المهابة ذلّة # فكلّ عزيز عنده متواضع
و قال أبو العتاهية:
يا من تشرّف بالدّنيا و زينتها # ليس التّشرّف رفع الطّين بالطين [2]
إذا أردت شريف النّاس كلّهم # فانظر إلى ملك في زيّ مسكين
ذاك الّذي عظمت و اللّه نعمته # و ذاك يصلح للدّنيا و للدّين
و قال الحسن بن هانئ في هيبة السلطان مع محبة الرعية:
إمام عليه هيبة و محبة # ألا بأبي ذاك الحبيب المحبّب
و قال آخر في الهيبة و إن لم تكن في طريق السلطان:
بنفسي من لو مرّ برد بنانه # على كبدي كانت شفاء أنامله
و من هابني في كلّ شيء وهبته # فلا هو يعطيني و لا أنا سائله
و لابن هرمة في المنصور:
له لحظات عن حفافي سريره # إذا كرّها فيها عقاب و نائل [3]
كريم له وجهان وجه لدى الرضى # أسيل و وجه في الكريهة باسل [4]
فأم الذي آمنت آمنة الرّدي # و أم الذي أو عدت بالثّكل ثاكل
و ليس بمعطي العفو من غير قدرة # و يعفو إذا ما مكّنته المقاتل
و قال آخر في الهيبة:
أ هاشم يا فتى دين و دنيا # و من هو في اللّباب من اللباب [5]
[1] البيت للفرزدق في زين العابدين علي بن الحسين.
[2] في الديوان «يا من تشرّف بالدنيا و طينتها» .
[3] حفافي سريره: جانباه.
[4] الأسيل: الرقيق الناعم، و الباسل: الشجاع.
[5] اللباب: الخالص من كلّ شيء.