نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 348
فلما دخلت على معاوية قال: مرحبا و أهلا، قدمت خير مقدم قدمه وافد!كيف حالك؟ قالت: بخير يا أمير المؤمنين، أدام اللّه لك النعمة.
قال: كيف كنت في مسيرك؟قالت: ربيبة بيت أو طفلا ممهدا.
قال: بذلك أمرناهم، أ تدرين فيم بعثت إليك؟قالت: أنى لي بعلم ما لم أعلم. قال:
أ لست الراكبة الجمل الأحمر، و الواقفة بين الصفّين يوم صفين تحضّين على القتال و توقدين الحرب؟فما حملك على ذلك؟ قالت: يا أمير المؤمنين، مات الرأس، و بتر الذنب، و لم يعد ما ذهب، و الدهر ذو غير، و من تفكر أبصر، و الأمر يحدث بعده الأمر.
قال لها معاوية: صدقت، أ تحفظين كلامك يومئذ؟ قالت: لا و اللّه لا أحفظه، و لقد أنسيته.
قال: لكني أحفظه، للّه أبوك حين تقولين: أيها الناس، ارعووا و ارجعوا، إنكم قد أصبحتم في فتنة غشّتكم [1] جلابيب الظّلم، و جارت بكم عن قصد المحجّة، فيا لها فتنة عمياء، صمّاء بكماء، لا تسمع لناعقها، و لا تنساق لقائدها، إن المصباح لا يضيء في الشمس، و لا تنير الكواكب مع القمر، و لا يقطع الحديد إلا الحديد، ألا من استرشدنا أرشدناه، و من سألنا أخبرناه. أيها الناس، إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها، فصبرا يا معشر المهاجرين و الأنصار على الغصص، فكأن قد اندمل شعب الشّتات [2] ، و التأمت كلمة العدل، و دمغ الحقّ باطله؛ فلا يجهلنّ أحد فيقول: كيف العدل و أنّى؟ليقض اللّه أمرا كان مفعولا. ألا و إنّ خضاب النساء الحنّاء، و خضاب الرجال الدماء، و لهذا اليوم ما بعده: