نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 325
و صائف و دعا من صاحب نفقته بخمسمائة دينار، و دعا مولاة له كانت تلي طيبه، فدحست لها ربعة عظيمة مملوءة طيبا، ثم قال: عجّلها ويلك. فخرجت أسوقها حتى انتهيت إلى الباب؛ و إذا الفارس قد بلّغ عني، فما تركني الحجّاب أن تمس رجلاي الأرض حتى أدخلت على عبد الملك و هو يتلظّى، فقال لي يا ماصّ، و كذا أنت المجيب عن أمير المؤمنين و المتهكم برسله؟قلت: يا أمير المؤمنين، ائذن لي أتكلم. قال: و ما تقول يا كذا و كذا؟قلت: ائذن لي جعلني اللّه فداك أتكلم. قال:
تكلم. قلت: يا أمير المؤمنين، أنا أصغر شأنا، و أقل خطرا من أن يبلغ كلامي من أمير المؤمنين ما أرى، و هل أنا إلا عبد من عبيد أمير المؤمنين، نعم، قد قلت ما بلغك، و قد يعلم أمير المؤمنين إنّما نعيش في كنف هذا الشيخ، و أنّ اللّه لم يزل إليه محسنا، فجاءه من قبلك شيء ما أتاه قطّ مثله، إنما طلبت نفسه التي بين جنبيه، فأجبت بما بلغك لأسهّل الأمر عليه؛ ثم سألني فأخبرته و استشارني فأشرت عليه، و ها هي ذه قد جئتك بها. قال: أدخلها ويلك!قال: فأدخلتها عليه و عنده مسلمة ابنه، غلام ما رأيت مثله و لا أجمل منه حين اخضرّ شاربه. فلما جلست و كلّمها أعجب بكلامها، فقال: للّه أبوك، أمسكك لنفسي أحبّ إليك أم أهبك لهذا الغلام، فإنه ابن أمير المؤمنين، قالت: يا أمير المؤمنين، لست لك بحقيقة، و عسى أن يكون هذا الغلام لي وجها. قال: فقام من مكانه ما راجعها، فدخل، و أقبل عليها مسلمة فقال:
يا لكاع [1] ، أعلى أمير المؤمنين تختارين؟قالت: يا عدوّ نفسه إنما تلومني أن اخترتك؟لعمر اللّه لقد قال رأي من اختارتك. قال: فضيّقت و اللّه مجلسه. و اطّلع علينا عبد الملك قد ادهن بدهن و ارى الشيب، و عليه حلة تتلألأ كأنها الذهب، بيده مخصرة [2] يخطر بها، فجلس مجلسه على سريره، ثم قال: إيها، للّه أبوك، أمسكك لنفسي أحبّ لك أم أهبك لهذا الغلام؟قالت: و من أنت أصلحك اللّه؟قال لها الخصيّ: هذا أمير المؤمنين!قالت: لست مختارة على أمير المؤمنين أحدا. قال: فأين