نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 283
قالوا: فعاله أنطق من لسانه.
قال كسرى: ما رأيت كاليوم وفدا أحشد، و لا شهودا أوفد.
ثم قام عمرو بن الشريد السّلمي فقال: أيها الملك نعم بالك، و دام في السرور حالك؛ إنّ عاقبة الكلام متدبّرة، و أشكال الأمور معتبرة، و في كثير ثقلة، و في قليل بلغة، و في الملوك سورة العزّ [1] ، و هذا منطق له ما بعده، شرف فيه من شرف، و خمل فيه من خمل، لم نأت لضيمك، و لم نفد لسخطك، و لم نتعرّض لرفدك. إنّ في أموالنا مرتقدا، و على عزنا معتمدا؛ إن أورينا نارا أثقبنا، و إن أود [2] دهر بنا اعتدلنا، إلا أنّا مع هذا لجوارك حافظون، و لمن رامك مكافحون، حتى يحمد الصّدر، و يستطاب الخبر.
قال كسرى: ما يقوم قصد منطقك بإفراطك، و لا مدحك بذمّك.
قال عمرو: كفى بقليل قصدي هاديا، و بأيسر إفراطي مخبرا، و لم يلم من عزفت [3] نفسه عما يعلم، و رضي من القصد بما بلغ.
قال كسرى: ما كل ما يعرف المرء ينطق به. اجلس.
ثم قام خالد بن جعفر الكلابيّ فقال: أحضر اللّه الملك إسعادا، و أرشده إرشادا؛ إنّ لكل منطق فرصة، و لكل حاجة غصة، و عيّ المنطق أشدّ من عيّ السكوت، و عثار القول أنكى من عثار الوعث [4] ، و ما فرصة المنطق عندنا إلا بما نهوى، و غصة المنطق بما لا نهوى غير مستساغة، و تركي ما أعلم من نفسي و يعلم من سمعني أنني له مطيق أحبّ إليّ من تكلّفي ما أتخوّف و يتخوف مني. و قد أوفدنا إليك ملكنا النعمان، و هو لك من خير الأعوان، و نعم حامل المعروف و الإحسان. أنفسنا بالطاعة لك باخعة [5] ، و رقابنا بالنصيحة خاضعة، و أيدينا لك بالوفاء رهينة.