نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه جلد : 1 صفحه : 185
ثم جعلا لا يمرّان بقبيلة إلا قتلا من وجدا فيها، حتى مرّا ببني عليّ بن سود، من الأزد، و كانوا رماة، و كان فيهم مائة يجيدون الرمي، فرموهم رميا شديدا، فصاحوا: يا بني عليّ، البقيا، لا رماء بيننا. فقال رجل منهم:
لا شيء للقوم سوى السهام # مشحوذة في غلس الظلام
فهربت عنهم الخوارج؛ فاشتقّوا مقبرة بني يشكو حتى خرجوا إلى مزينة، و استقبلهم الناس فقتلوا عن آخرهم.
زياد و الخوارج
ثم عاد الناس إلى زياد، فقال: أ لا ينهى كلّ قوم سفهاءهم؟فكانت القبائل إذا أحست بخارجي فبهم أوثقوه و أتوا به زيادا، منهم من يحبسه و منهم من يقتله.
و لزياد أخرى في الخوارج: أنه أتي بامرأة منهم، فقتلها ثم عرّاها، فلم تخرج النساء إلا بعد زياد، و كنّ إذا أرغمن على الخروج قلن: لو لا التّعرية لسارعنا.
و من مشاهير فرسان الخوارج: عمرو القنا، من بني سعد بن زيد مناة؛ و عبيدة بن هلال، من بني يشكر بن بكر بن وائل، و هو الذي طعن صاحب المهلّب في فخذه؛ فشكّها مع السرج؛ و هما اللذان يقول فيهما ابن المنجب السدوسي من فرسان المهلّب، و كان قال له مولاه خلاج: وددت أنّا فضضنا عسكرهم حتى أصير إلى مستقرّهم فأستلب منه جاريتين، إحداهما لك و الأخرى لي:
أخلاج إنك لن تعانق طفلة # شرقا بها الجاديّ كالتّمثال [1]
حتى تعانق في الكتيبة معلما # عمرو القنا و عبيدة بن هلال [2]
و ترى المقعطر في الكتيبة مقدما # في عصبة قسطوا مع الضّلاّل [3]
[1] الطفلة: الناعمة، و الجاديّ: الزعفران نسبة إلى جادية، قرية من عمل البلقاء من أرض الشام.