responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 1  صفحه : 162

الرعية، رفيقا بمدار سلطانه، بصيرا بأهل زمانه، باسطا للمعدلة في رعّيته؛ تسكن إلى كنفه، و تأنس بعفوه، و تثق بحلمه؛ فإذا وقعت الأقضية اللازمة، و الحقوق الواجبة، فليس عنده هوادة و لا إغضاء و لا مداهنة [1] ؛ أثرة للحق، و قياما بالعدل، و أخذا بالحزم. فدعا أهل خراسان الاغترار بحلمه، و الثقة بعفوه، أن كسروا الخراج، و طردوا العمال، و سألوا ما ليس لهم من الحقّ؛ ثم خلطوا احتجاجا باعتذار، و خصومة بإقرار، و تنصّلا باعتلال. فلما انتهى ذلك إلى المهدي، خرج إلى مجلس خلاّئه، و بعث إلى نفر من لحمته و وزرائه، فأعلمهم الحال، و استنحصهم للرعية؛ ثم أمر الموالي بالابتداء؛ و قال للعباس بن محمد: أي عم، تعقّب قولنا، و كن حكما بيننا.

و ارسل إلى ولديه موسى و هارون فأحضرهما الأمر، و شاركهما في الرأي. و أمر محمد ابن الليث بحفظ مراجعتهم و إثبات مقالتهم في كتاب.

فقال سلاّم صاحب دار المظالم: أيها المهدى، إن في كل أمر غاية، و لكل قوم صناعة، استفرغت رأيهم، و استغرقت أشغالهم، و استنفدت أعمارهم، و ذهبوا بها و ذهبت بهم، و عرفوا بها و عرفت بهم؛ و لهذه الأمور التي جعلتنا فيها غاية و طلبت معونتنا عليها: أقوام من أبناء الحرب، و ساسة الأمور، و قادة الجنود، و فرسان الهزاهز [2] ، و إخوان التجارب، و أبطال الوقائع، الذين رشحتهم سجالها، و فيّأتهم ظلالها، و عضّتهم شدائدها، و قرمتهم نواجذها [3] ؛ فلو عجمت ما قبلهم، و كشفت ما عندهم، لوجدت نظائر تؤيّد أمرك، و تجارب توافق نظرك، و أحاديث تقوّي قلبك. فأما نحن معاشر عمّالك ، و أصحاب دواوينك ، فحسن بنا و كثير منّا أن نقوم بثقل ما حمّلتنا من عملك، و استودعتنا من أمانتك، و شغلتنا به من إمضاء عدلك و إنفاذ حكمك، و إظهار حقك.

فأجابه المهدي: إن في كل قوم حكمة، و لكل زمان سياسة، و في كل حال تدبير يبطل الآخر الأوّل؛ و نحن أعلم بزماننا و تدبير سلطاننا.


[1] المداهنة: المحاباة و التزلّف.

[2] الهزاهز: الفتن و الحروب.

[3] النواجذ: أواخر الأضراس في الفم.

نام کتاب : العقد الفريد نویسنده : ابن عبد ربه    جلد : 1  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست