نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 2 صفحه : 86
أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مرّ أحدهم بآية من ذكر الجنة بكى شوقا إليها، و إذا مر بآية من ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم بين أذنه. موصول كلالهم بكلالهم: كلال الليل بكلال النهار. قد أكلت الأرض ركبهم و أيديهم، و أنوفهم و جباههم، و استقلوا ذلك في جنب اللّه، حتى إذا رأوا السهام قد فوّقت، و الرماح قد أشرعت، و السيوف قد انتضيت، و رعدت الكتيبة بصواعق الموت و برقت استخفوا بوعيد الكتيبة لوعد اللّه، و مضى الشباب منهم قدما حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه، و تخضبت بالدماء محاسن وجهه فأسرعت إليه سباع الأرض، و انحطت عليه طير السماء، فكم من عين في منقار طائر طالما بكى صاحبها في جوف الليل من خوف اللّه، و كم من كف زالت عن معصمها طالما اعتمد عليها صاحبها في جوف الليل بالسجود للّه. ثم قال: آه آه (ثلاثا) . ثم بكى و نزل.
خطبة قطري بن الفجاءة
صعد قطريّ بن الفجاءة منبر الأزارقة-و هو أحد بني مازن بن عمرو بن تميم-فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على نبيه ثم قال:
أما بعد فإني أحذّركم الدنيا فإنها حلوة خضرة، حفّت بالشهوات، و راقت بالقليل، و تحببت بالعاجلة و حليت بالآمال، و تزينت بالغرور، لا تدوم حبرتها و لا تؤمن فجعتها، غرّارة ضرارة، خوّانة غدّارة، حائلة زائلة، نافذة بائدة، أكّالة غوّالة، بدّالة نقالة، لا تعدو إذا هي تناهت إلى أمنية أهل الرغبة فيها، و الرضا عنها، أن تكون كما قال اللّه: كَمََاءٍ أَنْزَلْنََاهُ مِنَ اَلسَّمََاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبََاتُ اَلْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ اَلرِّيََاحُ وَ كََانَ اَللََّهُ عَلىََ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً .
مع إن امرأ لم يكن منها في حبرة إلا اعقبته بعدها عبرة، و لم يلق من سرائها بطنا إلا منحته من ضرّائها ظهرا، و لم تطلّه غبية رخاء إلا هطلت عليه مزنة بلاء، و حرى إذا أضحت له منتصرة أن تمسي له خاذلة متنكرة و إن جانب منها اعذوذب و احلولى، أمرّ عليه منها جانب و أوبى [1] ، و إن آتت امرأ من