نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 2 صفحه : 82
و ولده، فأدى ذلك إلى الخليفة من بعده، و فارق الدنيا تقيا نقيا، على منهاج صاحبيه، رحمه اللّه.
ثم أنّا و اللّه ما اجتمعنا بعدهما إلا على ظلّع [1] ، ثم إنك يا عمر ابن الدنيا، ولدتك ملوكها، و القمتك ثديها، وليتك وضعتها حيث وضعها اللّه.
فالحمد للّه الذي جلا بك حوبتها [2] ، و كشف بك كربتها. امض و لا تلتفت فإنه لا يغني من الحق شيئا. أقول قولي هذا و استغفر اللّه لي و لكم، و للمؤمنين و المؤمنات.
قال: و لما أن قال: «ثم أنّا و اللّه ما اجتمعنا بعدهما إلا على ظلّع» .
سكت الناس كلهم إلا هشاما، فإنه قال له: كذبت.
خطبة عمر بن عبد العزيز (ر)
أبو الحسن قال: حدثنا المغيرة بن مطرّف، عن شعيب بن صفوان، عن ابيه قال: خطب عمر بن عبد العزيز بخناصرة خطبة لم يخطب بعدها غيرها حتى مات رحمه اللّه. فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على نبيه ثم قال:
أيها الناس، إنكم لم تخلقوا عبثا و لم تتركوا سدى، و إن لكم معادا يحكم اللّه بينكم فيه. فخاب و خسر من خرج من رحمة اللّه التي وسعت كلّ شيء، و حرم الجنّة التي عرضها السموات و الأرض. و اعلموا أن الأمان غدا لمن خاف اللّه اليوم، و باع قليلا بكثير، و فائتا بباق. أ لا ترون أنكم في اسلاب الهالكين، و سيخلفها من بعدكم الباقون كذلك حتى تردوا إلى خير الوارثين.
ثم أنتم في كل يوم تشيّعون غاديا و رائحا إلى اللّه، قد قضى نحبه و بلغ أجله، ثم تغيبونه في صدع من الأرض، ثم تدعونه غير موسّد و لا ممهّد، قد خلع الأسباب، و فارق الأحباب، و باشر التراب، و واجه الحساب، غنيا عما ترك، فقيرا إلى ما قدّم، و أيم اللّه إني لأقول لكم هذه المقالة، و ما أعلم عند أحد
[1] ظلع: غمز في المشي، عرج، و هنا يعني المائل عن الحق.