نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 2 صفحه : 6
القلوب من رقدتها، و نقلوها عن سوء عادتها، و شفوها من داء القسوة، و غباوة الغفلة، و داووا من العيّ الفاضح، و نهجوا لنا الطريق الواضح. و لو لا الذي أملت في تقديم ذلك و تعجيله، من العمل بالصواب، و جزيل الثواب، لقد كنت بدأت بالرد عليهم، و بكشف قناع دعواهم. على أنّا سنقول في ذلك بعد الفراغ مما هو أولى بنا و أوجب علينا. و اللّه الموفق، و هو المستعان.
باب فى الخطب
[أنواع الخطب]
و على أن خطباء السلف الطيب، و أهل البيان من التابعين بإحسان، ما زالوا يسمون الخطبة التي لم تبتدأ بالتحميد، و تستفتح بالتمجيد: «البتراء» .
و يسمون التي لم توشح بالقرآن، و تزين بالصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «الشوهاء» .
و قال عمران بن حطّان: خطبت عند زياد خطبة ظننت أني لم أقصّر فيها عن غاية، و لم أدع لطاعن علة، فمررت ببعض المجالس فسمعت شيخا يقول: هذا الفتى أخطب العرب لو كان في خطبته شيء من القرآن.
و خطب أعرابي فلما أعجله بعض الأمر عن التصدير بالتحميد، و الاستفتاح بالتمجيد، قال: «أما بعد، بغير ملالة لذكر اللّه و لا إيثار غيره عليه، فإنّا نقول كذا، و نسأل كذا» ، فرارا من أن تكون خطبته بتراء أو شوهاء.
و قال شبيب بن شيبة: «الحمد للّه، صلّى اللّه على رسول اللّه. أما بعد، فإنّا نسأل كذا، و نبذل كذا» .
و بنا-حفظك اللّه-أعظم الحاجة إلى أن يسلّم كتابنا هذا من النّبز [1]
القبيح و الشّوه [2] المشين، و اللقب السّمج المعيب، بل قد يجب أن نزيد في بهائه، و نستميل القلوب إلى اجتبائه، إذ كان الأمل فيه بعيدا، و كان معناه شريفا ثمينا.
ثم اعلم بعد ذلك أن جميع خطب العرب، من أهل المدر و الوبر،