نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 68
و روى الهيثم بن عدي عن أبي يعقوب الثقفي، عن عبد الملك بن عمير، قال: قدم علينا الأحنف بن قيس الكوفة، مع المصعب بن الزبير، فما رأيت خصلة تذم في رجل إلا و قد رأيتها فيه: كان صعل الرأس أحجن الأنف، أغضف الأذن [1] ، متراكب الأسنان، أشدق، مائل الذقن، ناتئ الوجنة، باخق العين [2] ، خفيف العارضين، أحنف الرجلين، و لكنه كان إذا تكلم جلى عن نفسه.
و لو استطاع الهيثم أن يمنعه البيان أيضا لمنعه. و لو لا أنه لم يجد بدا من أن يجعل له شيئا على حال لما أقر بأنه إذا تكلم جلى عن نفسه.
و قوله في كلمته هذه كقول هند بنت عتبة، حين أتاها نعي يزيد بن أبي سفيان، فقال لها بعض المعزين: إنا لنرجو أن يكون معاوية خلف من يزيد، فقالت هند: «و مثل معاوية لا يكون خلفا من أحد، فو اللّه إن لو جمعت العرب من أقطارها ثم رمي به فيها، لخرج من أي أعراضها شاء» . و لكنا نقول:
المثل الأحنف يقال: «إلا أنه كان إذا تكلم جلى عن نفسه» ؟ ثم رجع بنا القول إلى الكلام الأول فيما يعتري اللسان من ضروب الآفات. قال ابن الأعرابي: طلق أبو رمادة امرأته حين وجدها لثغاء، و خاف أن تجيئه بولد ألثغ، فقال:
لثغاء تأتي بحيفس ألثغ # تميس في الموشيّ و المصبّغ
الحيفس: الولد القصير الصغير.
و أنشدني ابن الأعرابي كلمة جامعة لكثير من هذه المعاني، و هي قول الشاعر:
اسكت و لا تنطق فأنت حبحاب [3] # كلّك ذو عيب و أنت عياب