نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 21
الخليل بن أحمد لأوزان القصيد و قصار الأرجاز ألقابا لم تكن العرب تتعارف على تلك الأعاريض بتلك الألقاب، و تلك الأوزان بتلك الأسماء، كما ذكر الطويل و البسيط و المديد و الوافر و الكامل و أشباه ذلك، و كما ذكر الأوتاد و الأسباب و الخرم و الزحاف. و قد ذكرت العرب في أشعارها السناد و الاقواء و الاكفاء، و لم أسمع بالايطاء. و قالوا في القصيد و الرجز و السجع و الخطب، و ذكروا حروف الروي و القوافي، و قالوا: هذا بيت و هذا مصراع... و كما سمى النحويون فذكروا الحال و الظروف و ما أشبه ذلك؛ لأنهم لو لم يضعوا هذه العلامات لم يستطيعوا تعريف القرويين و أبناء البلديين علم العروض و النحو.
و كذلك أصحاب الحساب قد اجتلبوا أسماء جعلوها علامات للتفاهم» [1] .
و قد شعر الجاحظ بثقل الحمل الذي حملته اللغة العربية عند ما نقلت إليها مختلف العلوم المعروفة في اللغات اليونانية و الفارسية و الهندية، و دعا إلى عدم تكليف اللغة ما ليس في طاقتها، و قد عبر عن ذلك بقوله: «و ليس ينبغي أن نسوم اللغات ما ليس في طاقتها و نسوم النفوس ما ليس في جبلتها، و لذلك يحتاج صاحب المنطق إلى أن يفسره لمن طلب من قبله علم المنطق» [2] .
و يشير الجاحظ إلى حركة الترجمة التي نشطت في عصره و يرى أن الترجمان يجب أن يكون عالما باللغة المنقولة و المنقول إليها [3] . و يرى أن الشعر لا يترجم و إذا ترجم ذهب سحره و تقطع نظمه و بطل وزنه و ذهب حسنه [4] .
و ثمة ناحية أخيرة عالجها الجاحظ هي تعلم اللغة. و قد رأى أن ثمة صعوبات تعترض المتعلم ترجع إلى طبيعة اللغة ذاتها و كثرة مفرداتها و ثقل مخارجها، كما ترجع إلى جهل المتكلم بمدلولاتها. و لكن أعون الأسباب على تعلمها فرط الحاجة إليها [5] .