نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 181
و تكون له طبيعة في التجارة و ليست له طبيعة في الفلاحة، و تكون له طبيعة في الحداء أو في التغيير، أو في القراءة بالألحان، و ليت له طبيعة في الغناء و إن كانت هذه الأنواع كلها ترجع إلى تأليف اللحون. و تكون له طبيعة في الناي و ليس له طبيعة في السرناي [1] ، و تكون له طبيعة في قصبة الراعي و لا تكون له طبيعة في القصبتين المضمومتين، و يكون له طبع في صناعة اللحون و لا يكون له طبع في غيرهما، و يكون له طبع في تأليف الرسائل و الخطب و الأسجاع و لا يكون له طبع في قرض بيت شعر. و مثل هذا كثير جدا.
و كان عبد الحميد الأكبر، و ابن المقفع، مع بلاغة أقلامهما و ألسنتهما لا يستطيعان من الشعر إلا ما يذكر مثله.
و قيل لابن المقفع في ذلك، فقال: الذي أرضاه لا يجيئني، و الذي يجيئني لا أرضاه» .
و هذا الفرزدق و كان مستهترا بالنساء، و كان زير غوان، و هو في ذلك ليس له بيت واحد في النسيب مذكور، مع حسده لجرير. و جرير عفيف لم يعشق امرأة قط، و هو مع ذلك أغزل الناس شعرا.
و في الشعراء من لا يستطيع مجاوزة القصيد إلى الرجز، و منهم من لا يستطيع مجاوزة الرجز إلى القصيد، و منهم من يجمعها كجرير و عمر بن لجأ، و أبي النجم، و حميد الأرقط، و العماني. و ليس الفرزدق في طواله بأشعر منه في قصاره.
و في الشعراء من يخطب و فيهم من لا يستطيع الخطابة، و كذلك حال الخطباء في قريض الشعر. و الشاعر نفسه قد تختلف حالاته.
و قال الفرزدق: أنا عند الناس أشعر الناس و ربما مرت علي ساعة و نزع ضرس أهون عليّ من أن أقول بيتا واحدا.
[1] السرناي: كلمة فارسية، معناها البوق الذي ينفخ فيه و يزمر.
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 181