responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
   ««اول    «قبلی
   جلد :
نام کتاب : البديع عند الحريري نویسنده : محمد بيلو أحمد أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 315
فاربأ بعمرك أن يمر مضيَّعا ... فيها سُدى من غير ما استظهار
واقطع علائق حُبّها وطلابها ... تلق الهدى ورفاهة الأسرار
وارقُب إذا ما سالمتْ من كيدها ... حرب العِدى وتوثب الغدّار
واعلم بأن خُطوبها تفجا ولو ... طال المدى وزنت سرى الأقدار
فهذه القصيدة إذا اقتطعت منها الجزء الأخير صارت مثل ما أشرنا في أول الحديث هكذا:
يا خاطب الدنيا الدنيـ ... ـة إنها شرك الورى
دار متى ما أضحكت ... في يوما أبكت غدا
وإذا أظل سحابها ... لم ينتقع منه صدى
غاراتها ما تنقضي ... وأسيرها لا يفتدى
وهكذا إلى آخر الأبيات التي مرت بك.
وهذه القصيدة يمكن أن تكون شاهدا لما أشرنا إليه من ذم الحريري للدنيا وتقلباتها.
والآن لست أدري بم نسمي هذه السرقة، هل هي سرقة شرعية أو أنها سرقة شعرية غير شرعية؟ المهم أنها ليست من السرقات الشعرية الاصطلاحية الملحقة بفن البديع، وإن كانت بديعة؛ أعني طريفة في نفسها؛ لأنهم يشترطون الانتقال من جيب شاعر إلى جيب شاعر آخر، لكن هذا ربما جاز أن يسمى بالبديع الصوري؛ فهو كما رأيت يهتم بالصورة والإتيان بالطرائف فيها، وله قدرة في التشكيل وإخراج أفانين القول وتقليب الأساليب.
وبعد:
فما رأي شيخ البلاغة العربية في هذا وأمثاله، يقول الشيخ بعد مناقشات طويلة: وعلى الجملة فإنك لا تجد تجنيسا مقبولا ولا سجعا حسنا، حتى يكون المعنى هو الذي طلبه واستدعاه وساقi نحوه، وحتى تجده لا تبتغي به بدلا ولا تجد عنه حولا، ومن هاهنا كان أحلى تجنيس تسمعه وأعلاه، وأحقه بالحسن وأولاه ما وقع من غير قصد من المتكلم إلى اجتلابه، وتأهب لطلبه، أو ما هو لحسن ملاءمته - وإن كان مطلوبا - بهذه المنزلة وفي هذه الصورة، وذلك كما يمثلون به أبدا من قول الشافعي رحمه الله تعالى وقد سئل عن النبيذ: "أجمع أهل الحرمين على تحريمه"ii.
أعتقد أن لكل قارئ الآن الحق أن يحكم بنفسه على ما وقفنا عليه.
والله الموفق وصلى الله على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

i يقول المعلق بحواشيه: يظهر أن الأصل: وساقك نحوه.
ii راجع أسرار البلاغة ص 15 مطبعة الاستقامة بالقاهرة.
نام کتاب : البديع عند الحريري نویسنده : محمد بيلو أحمد أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
   ««اول    «قبلی
   جلد :
فرمت PDF شناسنامه فهرست