نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 41
على سائر الناس، و فضل أهل مرو على سائر أهل خراسان» .
قال مثنّى بن بشير [1] : دخل أبو عبد اللّه المروزي على شيخ من أهل خراسان، و إذا هو قد استصبح في مسرجة خزف، من هذه الخزفيّة الخضر. فقال له الشيخ: لا يجيء و اللّه منك، من صالح أبدا. عاتبتك في مسارج الحجارة، فأعتبتني بالخزف. أ و ما علمت أن الخزف و الحجارة يحسوان [2] الدهن حسوا؟قال جعلت فداك!دفعتها إلى حريف [3] لي، دهّان، فألقاها في المصفاة شهرا حتى رويت، من الدهن، ريّا لا تحتاج معه أبدا الى شيء. قال: ليس هذا أريد؛ هذا دواؤه يسير، و قد وقعت عليه. و لكن ما علمت أن موضع النار من المسرجة، في طرف الفتيلة، لا ينفكّ من إحراق النار، و تجفيفه، و نشف ما فيه؛ و متى ابتلّ بالدّهن و تسقاه، عادت النار عليه فأكلته؟هذا دأبهما. فلو قسمت ما يتشرّب ذلك المكان، من الدهن، بما يستمده طرف الفتيلة منه، لعلمت أن ذلك أكثر. و بعد هذا، فإن ذلك الموضع من الفتيلة و المسرجة، لا يزال سائلا جاريا؛ و يقال إنك متى وضعت مسرجة، فيها مصباح، و أخرى لا مصباح فيها، لم تلبث إلا ليلة أو ليلتين حتى ترى السفلى ملآنة دهنا.
و اعتبر أيضا ذلك بالملح الذي يوضع تحت المسرجة، و النخالة التي توضع هناك لتسويتها و تصويبها، كيف تجدهما ينعصران دهنا. و هذا كله خسران و غبن، لا يتهاون به إلا أصحاب الفساد. على أن المفسدين إنما يطعمون الناس، و يسقون ناس، و هم على حال يستخلفون [4] شيئا، و إن كان دونا. و أنت إنما تطعم النار، و تسقي النار، و من أطعم النار جعله اللّه يوم القيامة طعاما للنار. قال الشيخ: فكيف أصنع جعلت فداك؟قال: