نام کتاب : البخلاء نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 105
و سأل زياد [1] عن رجل من أصحابه فقيل: إنه لملازم، و ما يغبّ [2]
غداء الأمير. فقال زياد: فليغبّه، فإن ذلك مما يضرّ بالعيال. فألزموه الغبّ. فعابوا زيادا بذلك. و زعموا أنه استثقل حضوره، في كل يوم، و أراد أن يزجر [3] به غيره، فيسقط عن نفسه و عن ماله مئونة عظيمة [4] .
و إنما كان ذلك من زياد على جهة النظر للعيالات، و كما ينظر الراعي للرعية، على مذهب عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه. و قد قال الحسن:
تشبّه زياد بعمر فأفرط [5] ، و تشبّه الحجاج بزياد فأهلك الناس. فجعلتم ذلك عيبا منه.
و قال يوسف بن عمر لقوّام موائده: أعظموا الثريدة، فإنها لقمة الدرداء [6] . فقد يحضر طعامكم الشيخ الذي قد ذهب فمه، و الصبي الذي لم ينبت فمه. و أطعموهم ما يعرفون، فإنه أنجع و أشفى للقرم [7]
فقلتم: إنما أراد العجلة و الراحة، بسرعة الفراغ، و أن يكيدهم بالثريد، و يملأ صدورهم بالعراق [8] .
حديث الرسول
و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: سيّد الطعام الثريد. و مثل عائشة في النساء، مثل الثريد في الطعام. و لعظم صفة الثريد في أعين قريش،
[1] زياد ابن أبيه: أحد ولاة الأمويين في البصرة. و من خطباء العصر الأموي.