الباب الثالث والسّتون في ذكر مشاهير الكواكب التي تسمّى الثّابتة وهذه التّسمية على الأغلب من أمرها إذ كانت حركة مسيرها خافية غير محسوسة . قال أبو حنيفة : اعلم أنّ سير هذه الكواكب على خفائه مستمر على تأليف البروج الاثني عشر لا يعرض لشيء منها رجوع ، فقد ميّز قدماء العلماء كواكب السّماء على وجه الدّهر وصنّفوها فجعلوها منزلة في منازل سبعة من الأقدار فجعلوا كبارها في القدر الأول ، وهي التي يسمّيها العرب الدّراري ، والواحد دري منسوب إلى الدرّ في الصّفاء والحسن ، وفي التنزيل : * ( كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) * [ سورة النّور ، الآية : 35 ] وقال الرّاجز :
أنّى على أوني وانجراري * أؤم بالمنزل والدّراري
الأون : الثقل ، والانجرار : أن يترك الإبل في مسيرها وعليها الأحمال ترى . يقال : جرّ الإبل يجرّها جرّا ويعني بالمنزل والدّراري منازل القمر ودراري الكواكب ، وهي مشبوباتها ذوات السّطوع والتّوقّد . قال الشّماخ :
و عنس كألوان الأران لضاتها * إذا قيل للمشبوبتين هماهما
لضاتها ونساتها بمعنى أي زجرتها وهيّجتها . وقيل : أراد بالمشبوبتين الشعريين . وقيل الزّهرة والشّعرى العبور وهما أنور نجوم السّماء . فالذي أحصى العلماء من دراري النّجوم سوى الخمسة المتحيّرة خمسة عشر كوكبا ، وهي في القدر الأوّل من العظم وهي الشّعريان - وسهيل - والمحنّث - العيّوق - والسّماكان - واليدان - وقلب الأسد - والنّسر الواقع - والصّرفة - ومنكب الجوزاء - ورجلها وأضوأ كواكب الفرعين . و الذي أحصوا مما هو دون هذه وهي في القدر الثّاني من العظم خمسة وأربعون كوكبا : كالفرقدين وبنات نعش الكبرى وقلب العقرب والرّدف والنّسر الطائر ، ورأس الغول - والعناق - وقلب الحوت - وأشباهها مما ترك ذكر سائرها للأقدار الباقية لأنّ مواضعها غير